للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول المؤلف: (وَظَهَرَ دَمٌ عامدًا ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ فَسد)، اشترط المؤلف لفساد الصوم شرطين:

الشرط الأول: أن يكون عامدًا، وضدُّه: غير العامد، والشرط الثاني أن يكون ذاكِرًا، وضده الناسي.

فاشترط المؤلف -رحمه الله- شرطين: العَمْد والذكْر، ومقتضى كلامه أنه لا يُشْتَرَط أن يكون عالِمًا؛ لأنه لم يذكر إلَّا شرطين: العمد، والثاني: الذكْر؛ أن يكون ذاكرًا، يعني فإن كان جاهلًا فإنه يُفْطِر؛ لأنه لم يشترط أن يكون عالِمًا.

لو أن الإنسان لم يتعمد فإنه لا يُفْطِر، مثل أن يطير إلى فمه غبار أو دخان، أو يدخله حشرة من ذباب أو غيره بغير قصد، فإنه لا يُفْطِر بذلك، والدليل قوله تبارك وتعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: ٥]، وهذا لم يتعمد قلبه تناول المفسِد فيكون صومه صحيحًا، ولهذا قال: (لَا نَاسِيًا) وهذا ضد؟

طالب: ذاكرًا.

الشيخ: ذاكرًا، أو مُكْرَهًا، وهذا ضد؟

طلبة: عامدًا.

الشيخ: عامدًا.

قبل أن نتكلم على الشرطين نسأل: هل يُلْحَق بالحجامة الفَصْد والشَّرْط والإِرْعاف، وما أشبه ذلك؟

الفَصْد: يعني فَصْد العِرْق، والشَّرْط كذلك: شَقّ العِرْق؛ إن شققته طولًا فهو شَرْط، وإن شققته عَرْضًا فهو فَصْد، فهل يُلْحَق هذا بالحجامة، ونقول: إن الإنسان إذا شَرَط عِرقه حتى خرج منه الدم أفطر؟ وكذلك إذا فَصَدَه؟ وكذلك إذا أَرْعَف نفسه وهو الذي تعمَّد أن يُرعِف من أجل أن يخِفَّ رأسُه؟

المذهب: لا يُلْحَق بالحجامة، ويكون جائزًا للصائم فرضًا ونفلًا، لماذا؟ لأن الأحكام التعبُّدية لا يُقَاسُ عليها، وهذه قاعدة أصولية فقهية من قواعد أصول الفقه (الأحكام التعبُّدية لا يقاس عليها)؛ لأن من شرط القياس اجتماع الأصل والفرع في العلة، وإذا لم يكن علة فلا قياس، فيقولون: إن الفطر بالحجامة تعبُّدي، والتعبُّدي لا يقاس عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>