للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما كان كذلك؛ لأنه عقد يترتب عليه أحكام كبيرة، وليس كالأمان، الأمان سبق أنه يصح من كل إنسان، حتى من المرأة، قال النبي عليه الصلاة والسلام: «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ» (١٥)، أما عقد الذمة فلا؛ لأنه يترتب عليه أحكام كثيرة، كبيرة، عظيمة، فلا بد أن يكون من إمام أو نائبه، ولأنه أيضًا عقد مؤبَّد، عقد مؤبَّد، ليس فيه تقييد بسَنَة، أو سنتين، أو شهر، أو شهرين، عقد مؤبَّد، فلهذا صار لا بد من أن يتولاه الإمام أو نائبه.

ثم قال المؤلف: (وَلَا جِزْيَةَ عَلَى صبِيّ، وَلا امْرَأةٍ، ولَا عَبْدٍ، وَلَا فَقِيرٍ يَعْجَزُ عَنْهَا) الجزية: لا تجب على كل واحد من الكفار؛ يعني: لو عقدنا الذمة لهؤلاء اليهود أو لهؤلاء النصارى مثلًا الذين يقيمون في بلادنا، فهل نجعل الجزية على رب العائلة وأفراد العائلة؟

لا، يقول: (لَا جِزْيَةَ عَلَى صَبِيٍّ) وإنما لم يكن عليه جزية؛ لأنه ليس أهلًا للقتال، والجزية إنما تكون على من يقاتِل، أما مَنْ لا يقاتِل فلا جزية عليه؛ لأنه لا شر فيه.

وكذلك لا جزية على امرأة؛ لأنها ليست من أهل القتال، هذا هو الأصل: أن النساء لَسْنَ من أهل القتال، ولا يجب عليهن الجهاد، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام حين سألته عائشة: هل على النساء جهاد؟ قال: «عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ: الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ» (١٦).

كذلك أيضًا لا جزية على عبد؛ لأنه لا يملك، فهو بمنزلة الفقير أو أشد، مُلْك العبد لمن؟

طلبة: لسيده.

الشيخ: لسيده، دليله قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا لَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ» (١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>