للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا فَقِيرٍ يَعْجَزُ عَنْهَا) معلوم؛ لأن الفقير ليس له مال، وكل الأموال الواجبة من شرطها الغنى؛ أي: القدرة عليها، والغنى يختلف: فغِنَى الزكاة الذي يحصُل به الوجوب غير غِنَى الزكاة الذي يحصُل به الامتناع من أخذها، والغِنَى هنا غير الغِنَى هناك، والغِنَى في باب النفقات غير الغِنَى في هذه المواضع، كل شيء بحسبه.

قال: (وَمَن صَار أَهْلًا لَهَا أُخِذَتْ مِنْهُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ) من صار أهلًا لها من هؤلاء: كصبي بَلَغ، وعبد عَتَق، وفقير اغتنى، فإنه تؤخذ منه في آخر الحول.

وكيف تؤخذ؟ هل تؤخذ منه جزيةُ حولٍ كامل؟ أو بالحساب؟

العدل بالحساب؛ يعني مثلًا: لو أنه بَلَغ في نصف العام، وكنا نأخذ منهم الجزية في آخرِ شهرِ ذي الحجة، وهذا بَلَغ في نصف العام، والجزية مقدارها مئة درهم على كل واحد مثلًا كم نأخذ من هذا؟

طلبة: خمسين.

الشيخ: نأخذ منه خمسين، هذا هو العدل، فلا نظلمه، ولا نظلم بيت المال، وكل شيء بحسابه.

قوله: (وَمَتَى بَذَلُوا الوَاجِبَ عَلَيْهِمْ وَجَبَ قَبُولُه) يعني: إذا تم العقد بيننا وبينهم، وبذلوا الواجب، فإنه لا يجوز لنا أن نرجع في هذا العقد، ونقول: لا نقبل منكم إلَّا الإسلام، بل يجب أن نقبل منهم ما بذلوا؛ لقول الله تبارك تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١]، وهذه الآية من أجمع الآيات في باب المعاملات، كل عقد بينك وبين غيرك فإنه يجب عليك الوفاء به إذا كان قد أَذِنَ به الشرع، وهذا الشرط الذي ذكرته مأخوذ من قوله: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}؛ لأن الله تعالى لا يأمر بوفاء ما لم يأذن به، فيجب علينا أن نقبلها.

وإذا بذلوا الجزية حَرُم قتالهم؛ لأنهم يُؤَمِّنُون أنفسهم بهذه الجزية، ومع ذلك يجب أن ندافع عنهم؛ لأنهم مؤتمنون معنا، ملتزمون بأحكام الذمة، ونحن نلتزم لهم بذلك أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>