للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا أسلم أحد في أثناء الحول هل تسقط؟ نعم تسقط عنه، لماذا تسقط؟ لأنه أسلم، فلم يكن من أهل الجزية، ولا يؤخذ منه شيء ترغيبًا له في الإسلام ( ... ).

قال: (وَيُمْتَهَنُونَ عِنْدَ أخْذِها) (يُمْتَهَنُونَ) الضمير يعود على مَنْ؟ على أهل الذمة؛ يعني: لا يُكْرَمُون عند أخذها، فإذا جاء الذمي يريد أن يُعطي الجزية إلى الجابي فإنه لا يستقبله بالحفاوة والإكرام ويقدم له الفراش، يقدم له الأكل، يقدم له الشرب، لا، بل يمتهنه؛ لماذا؟ لقول الله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}، والإكرام ضدُ الصَّغار.

ويقول: (وَيُطَالُ وقُوفُهُمْ) إذا جاء يُسَلِّم إلى الجابي لا يأخذ منه على طول، يخليه يبقى (يُطَالُ وقُوفُهُمْ) إلى متى؟

طالب: إلى آخر النهار.

الشيخ: لا، ما هو إلى آخر النهار، إلى ما يحصُل به الامتهان، فلا يباشَرون بالأخذ منهم، كل هذا إعزازًا للإسلام، لا انتقامًا منهم، ولا انتصارًا لأنفسنا، ولكن إعزازًا لدين الله، وبيان أن الدين قوي.

ولو أن الناس استعملوا هذا في الوقت الحاضر لقيل: هذه عنصرية، وهذه جفاء، وهؤلاء أجلاف؛ لأن الأمور تغيرت.

فهل مثلًا لو قُدِّر أن المسلمين الآن يعقدون الذمة لأحد هل يَحْسُن أن يعامَلوا هذه المعاملة؟ أو يقال: إن صَغَار كل شيء بحسبه؟ فنحن إذا لم نكرمهم فهو في عرف الناس الآن يعتبر إذلالًا وإصغارًا، هذه محل نظر.

قال: (وَتُجَرُّ أَيْدِيهِمْ) تُجَرُّ أيديهم؛ يعني: عندما يُقَدِّم الجزية ما نأخذها بطَرَف، نأخذ يده ونجرها بقوة، وكل هذا كما قلت من أجل إعزاز الإسلام، وإعلاء الإسلام؛ حتى تكون كلمة الله هي العليا.

وقال بعض العلماء: لا يعامَلون هذه المعاملة، لا يُكْرَمون، بل يعامَلون بالصَّغار دون أن يُطال وقوفهم، ودون أن تجر أيديهم، بل تُستلم منهم استلامًا عاديًّا بشرط ألَّا نُظْهِر إكرامهم، ويكفينا أن يأتوا بها إلينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>