للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويؤخذ من هذا الحكم الذي أقره الفقهاء -رحمهم الله- أن من اعتقد حِلَّ شيءٍ مختَلَفٌ فيه فإنه لا يُلْزَم بحكم من يرى تحريمه، مثل الدخان؛ الدخان ليس مُجْمَعًا على تحريمه، من العلماء مَنْ خالف فيه، لا سيما في أول ما ظهر، فإذا رأينا شخصًا يشرب الدخان وهو يرى أنه حلال فإننا لا نُعَزِّره، وإن كان يعتقد أنه حرام فإننا نُعَزِّره؛ لأن التعزير واجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة، وهل نُقِرُّه؟ بمعنى: هل يجوز أن أجلس إلى جنب واحد يدخن لكن يعتقد حِلّ الدخان؟

طلبة: ( ... ).

الشيخ: لا تتعجلوا يا جماعة.

طلبة: لا.

الشيخ: لا، ما فيه واحد يقول: نعم؟ لو رأيتَ واحدًا أكل لحم إبل ولم يتوضأ، وقام يصلي وهو لا يعتقد وجوب الوضوء من لحم الإبل هل تُنْكِر عليه؟

طلبة: لا.

الشيخ: هل تصلي معه؟

طلبة: نعم.

الشيخ: وهذا إقرار ولَّا إنكار؟

طلبة: إقرار.

الشيخ: نعم هذا إقرار، إذن أَيُّ فرق بين ترك الواجب وفعل المحرَّم؟ لا فرق، لكن لا ينبغي لذوي المروءة أن يجلسوا مع الذين يشربون الدخان ولو كانوا يعتقدون حِلَّه؛ لأن هذا دناءة؛ يعني -وفي ظني- أن الذين يعتقدون حِلَّه من العلماء لا يَرَوْن أنه من فعل ذوي المروءة، كما أننا مثلًا نرى أن تنظيف الفصفص لا بأس به، ولَّا لا؟ نعم؟ لكن لو يجيء واحد معلم، يعلِّم الطلبة، وعنده كيس فصفص يأخذ من ها الفصفص وينقي، ويش يعتبر هذا؟

هذا مخالف للمروءة، وإن كان ليس حرامًا لكن الإنسان يجب أن يكون عنده أدب، فيؤخذ من كلام الفقهاء -رحمهم الله- في هذه أن ما يعتقده الإنسان حلالًا -ولو كان كافرًا- فإنه لا يُلْزَم بحكم الإسلام فيه، وإذا كان ذلك في حق الكفار ففي حق المسلمين من باب أَوْلَى فيما ذهبوا إليه بتأويل سائغ، أما مَنْ عاند، مثل إنسان يأكل خنزيرًا، مسلم يأكل خنزيرًا، ويقول: أنا أعتقد أنه حلال، هل تُقِرُّه؟

طلبة: لا.

الشيخ: لماذا؟

طلبة: نص على تحريمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>