للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من أين نأخذ أنه يجب أن يستعمله أوَّلًا؟

من قوله: (تيمَّمَ بعدَ استعمالِهِ)، فيجب أوَّلًا أن يستعمله ثم يتيمَّم.

لماذا أوجبنا تقديمَ استعماله؟

ليصْدُقَ عليه أنه عَادِمٌ للماء؛ لأنه لو تيمَّمَ من قبلُ فمعناه أنه تيمَّمَ مع وجود الماء، فيستعمل الماء أوَّلًا ثم يتيمَّم؛ الدليل قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]، وقولُ النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» (٣).

فنحن الآن مأمورونَ بأنْ نغسلَ أعضاءنا، فيجب أن نغسلها، أخذْنا هذا الماءَ وغَسَلْنا الوجهَ وغَسَلْنا اليدينِ وانتهى، إذَن اتَّقَيْنا اللَّهَ تعالى بهذا الفِعْل، ويش بقي علينا؟ بَقِي علينا مسْحُ الرأس وغَسْلُ الرِّجْلَينِ، الماء الآن متعذِّرٌ، فماذا نصنع؟ نرجع إلى بَدَلِهِ وهو التيمُّم، وبهذا عَرَفْنا أنه لا تَضَادَّ بين الحكْمينِ؛ لا تَضادَّ بين قولنا: إنك تستعمل الماءَ ثم تتيمَّم؛ لأن استعمالَ الماءِ من تقوى الله عز وجل، واستعمالَ التيمُّم لعَدَم الماءِ من تقوى الله أيضًا، فاستعمالُ التيمُّم ليس للوجْهِ واليدينِ ولكنْ للرأسِ والرِّجْلينِ، فلا تَضادَّ.

وقال بعضُ العلماء: إنه لا يُمْكن أن تجمع بين الطهارتينِ لأنك إذا جمعْتَ بين الطهارتينِ جمعْتَ بين البَدَل والْمُبْدَل منه، وهذا غير صحيحٍ؛ لأن هذا من باب التضادِّ؛ كيف تجمع بين البَدَل والمبدَل منه؟ ! فإمَّا أن تستعمل الماءَ بلا تيمُّمٍ وإمَّا أن تتيمَّم بلا استعمال ماءٍ.

إذَنْ كيف؟ هلْ أنا مخيَّرٌ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>