للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما الجواب عن الآية فإننا نقول: إن الآية دليل عليكم وليست دليل لكم، اقرأ الآية كلها حتى يتبين، قال الله تعالى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: ٢٨٣]، فإن آخر الآية يدل على أنه إذا حصل الائتمان بيننا، فإننا يجب علينا أن نعتمد على أداء الأمانة، سواء حصل القبض أو لم يحصل، وإلا لكانت هذه الجملة لا معنى لها.

أيضًا أنتم لا تقولون بالآية؛ لأن الآية لو أخذنا بظاهرها لكانت لا تجيز الرهن إلا في حال السفر، وأنتم ترون أنها تجوز في الحضر وفي السفر، وهو الحق. إذن ما الفائدة من قوله: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}؟

الفائدة أنه لا تحصل تمام التوثقة إلا بالقبض؛ لأننا الآن مسافرون، وليس معنا كاتب، وتبغي ترهن مالك، إذا لم أستلمه أنا فإنه من الجائز أن تغدر بي؛ لأن من جاز أن يغدر إذا لم يكن هناك شاهد ولا كاتب فإنه يجوز أن يغدر إذا أرهنني، ولم ( ... )، فبيَّن الله عز وجل أنه لا تحصل تمام التوثقة في هذه الصورة، أي في حال السفر وعدم الكاتب إلا بالقبض.

أما إذا لم أقبض وأمَّنتك فقد قال الله تعالى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ} [البقرة: ٢٨٣].

وأما قول الرسول: «الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ»، «وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهِ» (١)، فليس فيه دليل على أن ذلك لازم، إنما دليل على أن ذلك واقع، ونحن لا ننكر وقوعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>