للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما الدليل من السنة فقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ» (٣).

ومن المعلوم أن المرتهن إنما ارتهن هذا الشيء من أجل الاستيثاق بحقه، فقد شرط عليك شرطًا حكميًّا ألا تتصرف فيه بما يضره فيكون لازمًا عليك.

ومن الأدلة -وهو من القرآن- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} أيش؟

طالب: {أَوْفُوا}.

الشيخ: {بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١]، وكلنا متفقون على أن الرهن يصح بالعقد؛ بمجرد العقد، فإذا صح بمجرد العقد لزم أن أوفي بما اقتضاه وهو حفظ هذا الرهن للمرهن، أما أرهنك وأروح ( ... ) وأبيع وأخسر الرهن فليس هذا وفاءً بالعقد.

وأما العلة أو النظر فلأن المرتهن إنما ارتهن هذا الشيء لحفظ حقه وأبقاه عندك ائتمانًا بك، فإذا كان كذلك فإن مقتضى هذه الأمانة أن تؤدي الأمانة إلى من ائتمنك، وألا تخونه فيها.

وأما الجواب عن الآية الكريمة وعن الحديث ( ... ) فنقول: إن الله سبحانه وتعالى إنما ذكر الرهان المقبوضة؛ لأنه لا يتم الاستيثاق في هذه الحال التي في الآية إلا بماذا؟

طالب: بالقبض.

الشيخ: إلا بالقبض؛ لأن المتعاملين على سفر، وليس عندهما كاتب، فإذا ارتهن شيئًا ولم يقبضه فإنه عرضة لسقوط هذه الوثيقة، لماذا؟ لأن ما فيه كاتب، وأيضًا على سفر، ما معه أحد يشهد من الناس، ثم نقول لهم: أنتم لا تقولون بالآية؛ لأنكم ترون القبض شرطًا حتى في الحضر وحتى مع وجود الكاتب.

فالآية الكريمة إنما ذكرت الرهان المقبوضة فيما إذا كنا على سفر ولم نجد كاتبًا، ( ... ) الآية، ثم نقول: إن في الآية في آخرها ما يدل على فقدان الاستدلال بها على ما ذكرتم وهو قوله: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: ٢٨٣]، فإذا ائتمن المؤتمن الراهن فمقتضى ( ... ) أنه يجب على الراهن أن يؤدي الأمانة، فيبقى الرهن سليمًا سالمًا لصاحبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>