الشيخ: أنتم فاهمين المسألة؟ أعطيتني كتابًا، قلت: خذ هذا الكتاب احفظه عندك، أخذته وحفظته عندي، ثم بعدئذٍ جئت إليَّ، وقلت: أعطني كتابي الذي أودعتك إياه، فقلت: إني قد رددته عليك.
طلبة: قول المودع.
الشيخ: من القول قوله؟
طلبة: قول المدعي.
الشيخ: قولي أنا المودع؟
طلبة: نعم.
الشيخ: ولَّا قول المودع؟
طلبة: المودع.
الشيخ: يعني القول قول صاحب الكتاب ولَّا اللي عنده الكتاب؟
طلبة: اللي عنده الكتاب.
الشيخ: اختلفتم على، اختلفتم.
طلبة: القاعدة.
طلبة آخرون: الذي عنده الكتاب.
الشيخ: نشوف الآن، ما هو الأصل؟ الأصل بقاؤه عنده ولَّا لا؟
طلبة: البقاء.
الشيخ: نعم، الأصل البقاء، اتفقنا على أنه عندك، ثم اختلفنا في الرد، والأصل بقاء ما كان على ما كان، وعلى هذا فلا نقبل قولك بالرد إلا ببينة، هذا مقتضى القاعدة.
لكن العلماء -رحمهم الله- قالوا في هذه المسألة: إن القول قول المودع، فإذا قال المودَع: إني رددتها عليك فالقول قوله، لكن يحلف، القول قوله بيمينه يحلف، كيف خرجت هذه عن الأصل؟ قالوا: لأن المودَع مُحسِن، وقد قال الله تعالى:{مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ}[التوبة: ٩١].
وكثيرًا ما تحصل مثل هذه الأمور بدون إشهاد، لو أعطاني ماله، وقال: خذ هذه الوديعة عندك، وجاء يوم يطلبها، أقول: ما أعطيك إياه إلا بشهود، سيقول لي: أنا أعطيتك إياه بلا شهود، كيف تقول: ما أعطيك إياه إلا بشهود، هل أنا شهدت عليك يوم ما أعطيتك إياه وديعة؟ ما شهدت عليك، كيف تقول: ما أعطيك إياه إلا بشهادة؟ !
فلما كان العرف يقتضي عدم الإشهاد، وكان هذا الرجل محسنًا لم يكن عليه سبيل؛ لقوله تعالى:{مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ}.
وبناءً على ذلك قسموا العلماء -رحمهم الله- قسموا القول بالرد إلى ثلاثة أقسام، فقالوا: إن مدعي الرد إما أن يكون قد قبض المال لحظ صاحبه، أو قبض المال لحظه هو، أو قبض المال لحظهما جميعًا، كم الأقسام؟