للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشيخ: انتبهوا للحديث، يُركب بنفقته، ولبن الدَّرِّ يُشرب بنفقته، فظاهر هذا الحديث أن اللبن في مقابِل النفقة، وأن الركوب في مقابل النفقة سواء كان أكثر أو أقل.

فالجواب أن هذا ليس ظاهر الحديث، الحديث يقول: «بِنَفَقَتِهِ»، فإما أن تجعل الباء للعوض، وإما أن تجعلها للسببية، إن جعلتها للعِوض؛ فالأمر ظاهر في أنه لا يأخذ أكثر من النفقة، وإن جعلتها للسببية فكذلك؛ لأن السبب لا يتجاوز موضعه، فيقال: إن الباء هنا للسببية، والسببية لا تتجاوز موضع المسبَّب، وعلى كل تقدير فإن الركوب والحلْب يكون بقدْر النفقة. إن زاد بأن كان يأخذ من اللبن أكثر من قيمة النفقة، فالزيادة لِمَن؟

طلبة: للراهن.

الشيخ: لصاحبه؛ أي للراهن، فيجب أن تُحفظ، وتكون مع الرهن، وإن نقص صار اللبن الذي يُحصِّله يساوي خمسين، والنفقة مئة، فماذا نصنع؟

نقول: يرجع بالزائد على الراهن؛ لأن الراهن عليه النفقة.

(وإن أنفق على الرهن بغير إذن الراهن مع إمكانه) هذا بمستثنى، بل هو زائد على ما سبق، الذي يُركب أو يُشرب فعليه نفقته في حلبه وبركوبه، أما ما سوى ذلك فإنه ليس للمرتهِن أن ينتفع به أبدًا، فلا يسكن الدار، ولا يستعمل السيارة، ولا يقرأ في الكتاب، ولا يكتب بالقلم، بل يبقيه لصاحبه؛ لأن الأصل في مال الغير أنه مُحترم، لا يجوز الانتفاع به، استثني هذه المسألة -اللي هي ركوب ما يُركب وحلب ما يُحلب- لأن الحاجة تدعو إلى ذلك كما أسلفنا قبل قليل.

السيارة لو قال: أنا أركبها وعليَّ قيمة البنزين والزيت، وما يحصل من خلل بالاستعمال يجوز ولَّا لا؟

طلبة: ما يجوز.

الشيخ: لا؛ لأن السيارة ليست كالبعير والحمار ونحوهما؛ إذ إن السيارة يمكن أن تعيش بدون أن تركبها وتستأجرها، وأما البعير والحمار ونحوهما فهو لا يمكن أن يعيش إلا بنفقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>