للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه هي قاعدة المذهب؛ أن الأوصاف لا يُشْتَرَط فيها القبول، ولهذا لو كان في ذمة زيد لعمرو مئة صاع بُرٍّ من الوسط، فأعطاه زيد مئة صاعًا من البُرّ الجيِّد، فقال صاحب الدَّيْن: أنا لا أقبل الجيد، لا أقبل إلا الوسط كما هو الاتفاق بيننا، قال: لا، أنا بأعطيك الجيد، هل يُشْتَرَط قبول الغريم؟ أعني صاحب الدَّيْن هل يُشْتَرَط أو لا؟

طلبة: ما يشترط.

الشيخ: ليش؟

طلبة: وصف.

الشيخ: نعم؛ لأن هذا وصف، أنا لم أُعْطِكَ أكثر من مئة، ولكنني زدتك خيرًا في الوصف، لكن لو أراد أن يعطيه مئة صاع وصاعًا، فالزائد عن المئة التي هي الدَّيْن لا يصح إيتاؤها إلا بقبول ممن له الدَّيْن.

وقال بعض أهل العلم: إنها لا تبرأ ذمته إلا بالقبول، وذلك لأن الْمُبْرَأ ربما يلاحظ شيئًا بعيدًا وهو الْمِنَّة، ربما يكون هذا الذي أبرأه في يوم من الأيام يقول: كيف تنسى أني أبرأتك، وحينئذ يَمُنّ عليه، وهو يقول: أنا لا أريد أن أحدًا يَمُنّ علَيَّ، واضحة الْمِنَّة؟

طالب: نعم.

الشيخ: واضحة.

مثال ذلك: رجل في ذمته عشرة آلاف ريال لزيد، فقال له زيد: قد أبرأتك منها، قال: لا أقبل، على المذهب أيش؟ يبرأ ولو قال: لا أقبل. القول الثاني يقول: لا، لا يبرأ إذا لم يقبل؛ لأنه ربما يكون عدم قبوله خوفًا من ..

طالب: من المنة.

الشيخ: من المنة في المستقبل، ربما يقول له الْمُبْرِئ في يوم من الأيام: كيف نسيت أني أبرأتك، هذا جزائي! هذا جزاء المعروف! فيكون في ذلك منة عليه، وهذا القول هو الأصح؛ لأن الإنسان حُرّ في أن يقبل مِنَّة الغير أو لا يقبلها، ولا شك أن الإبراء من الدَّيْن مِنَّة ممن؟

طالب: مِن الْمُبْرِئ.

الشيخ: من الْمُبْرِئ، فلا يلزم أحدًا أن يقبل منة أحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>