للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض العلماء: بل يجب عليه أن يساوي بينهن في الوطء إذا قدر، وهذا هو الصحيح، والعلة تقتضيه؛ لأن ما دُمْنا عَلَّلْنا بأنه لا يجب العدل بينهن في الوطء بأن ذلك أمر لا يمكنه العدل فيه، فإذا أمكنه زالت العلة، ولَّا لا؟ زالت العلة، وبقي الحكم على العدل، وعلى هذا فلو قال إنسان: إنه رجل ليس قوي الشهوة، إذا جامع واحدةً في الليلة ما يستطيع أن يجامع الليلة الثانية مثلًا، أو يشق عليه ذلك، وقال: أبغى أجمع قوتي لهذه دون تلك، يجوز هذا ولَّا لا؟ ما يجوز، وذلك لأن الإيثار هنا ظاهر، هو يستطيع أنه يعدل.

فالمهم أن ما لا يمكنه القسم فيه لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وما يمكنه فإنه يجب عليه أن يقسم.

قال: (وَعِمَادُهُ اللَّيْلُ لِمَنْ مَعَاشُهُ النَّهَارُ، وَالعَكْسُ بِالعَكْسِ)، عماده، يعني: الأصل فيه الليل لمن معاشه النهار، وهو غالب الناس، كما قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (٩) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} [النبأ: ٩، ١٠]، فغالب الناس معاشهم النهار، وسكونهم الليل، فيكون عماده، أي: عماد قسم الزوجات الليل، أما النهار فالإنسان يذهب في معيشته، ربما يتردد إلى بيت هذه لأمرٍ يتعلق بمعيشته، وبيعه، وشرائه، ولا يتردد إلى الأخرى، وربما يكون خزائن ماله في بيت واحدةٍ يحتاج إلى أن يتردد عليها، ولو لم يكن يومها، أما الليل فهو أصل، وأما مَن معاشه في الليل دون النهار فعماده في حقه النهار، كالحارس الذي يحرس ليلًا، وفي النهار يتفرغ إلى بيته، ولهذا قال: (والعكس بالعكس).

(وَيَقْسِمُ لِحَائِضٍ، وَنُفَسَاءَ، وَمَرِيضَةٍ، وَمَعِيبَةٍ، وَمَجْنُونَةٍ مَأْمُونَةٍ وَغَيْرِهَا)، والمراد: وغيرهن.

(يَقْسِمُ لِحَائِضٍ)، يعني: وإن لم يكن يتمتع بها بالوطء؛ لأن الكلام على القسم وأن يأتي إليها وينام عندها ويؤنسها.

<<  <  ج: ص:  >  >>