للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طالب: هذا ميل أيضًا يا شيخ.

قال المؤلف: (فإن رَجَعَتْ قسم لها مستقبلًا)، أيش معنى (رَجَعَتْ)؟ يعني: بعد أن وهبت القسم له، أو لزوجةٍ أخرى، فإن لها أن ترجع، ويقسم لها في المستقبل، ولا يقضي ما مضى، وهذا فائدة قوله: (مستقبلًا)، يعني: فلا يقضي ما مضى، لماذا؟ أليست الهبة تَلْزَم بالقبض؟

طالب: بلى.

الشيخ: بلى، لكنهم قالوا: هنا ما حصل القبض؛ لأن الأيام تتجدد يومًا بعد يوم، ولهذا قلنا: إنه يقسم لها مستقبلًا ولا يرجع، ما يعود بأثر رجعي كما يقولون؛ لأن الذي فات قد قُبِضَ، والهبة بعد قبضها لا رجوع فيها، أما ما يستقبل فإنه لم يأتِ بعد فلها أن؟

طالب: أن ترجع فيه.

الشيخ: أن ترجع فيه، وهذا الذي قاله المؤلف، أو هذا التعليل لِمَا قاله المؤلف صحيح، لكن ينبغي أن يكون هذا مشروطًا بما إذا لم يكن هناك صلح، فإن كان هناك صلح فينبغي ألَّا تملك الرجوع؛ لقوله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا} [النساء: ١٢٨]، والصلح لازم، كما جاء في الحديث: «وَالصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ» (١٧)، كيف الصلح؟ يعني هي شعرت من هذا الرجل بأنه سيطلقها وخافت، فقالت له: أنا بأتفق معك على أن أجعل يومي لفلانة، وتبقيني في حِبالك، فوافق على هذا الصلح، الآن صارت المسألة معاقَدَة، معاقَدَة الصلح، فإذا كانت معاقدة فإنه يجب أن تبقى، وأن تلزم، وإلا فلا فائدة من الصلح.

وهذا الذي اختاره ابن القيم رحمه الله؛ لأنه لها أن ترجع ما لم يكن صلحًا، فإن كان صلحًا فليس لها الحق أن ترجع؛ لأن الصلح لازم جائز، كيف نقول: تلعب به؛ اليوم هذا تصالحه، وغدًا تقول: هات حقي، وبعدين تكون تصالح، وبعدين تقول: هات حقي، هذا تلاعب، فإن رجعت قسم لها مستقبلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>