للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظاهر كلامه بقوله: (بألَّا تُجيبه إلى الاستمتاع) أنها لو أَبَتْ أن تُجيبه إلى الخدمة المعروفة؛ مثل لو قال: اغسلي ثوبي، اطبخي طعامي، انفضي فراشي، فإن ذلك ليس بنشوز، وهو مبنِيٌّ على أنه لا يلزمها أن تخدم زوجها، والصحيح أنه يلزمها أن تخدم زوجها بالمعروف، ولهذا مرَّ علينا في المحرمات بالنكاح أنه يجوز نكاح الأَمَة لحاجة الخدمة، أو لا؟ فدلَّ هذا على أن من مقصود النكاح الخدمة، خدمة الزوج، وهذا هو الصحيح.

فإذَنْ: (بألَّا تُجيبه إلى الاستمتاع) أو إلى غيره مما يجب عليها الإجابة.

(أو تُجيبه متبرِّمةً) التبرُّم معناه التثاقل في الشيء، إذا دعاها إلى فراشه ( ... )، شيء ماله داعٍ، هذه تُجيبه وما تخالفه، ولكنها تُمِلُّه، نقول: هذا نشوز، ولَّا لا؟

كذلك أيضًا تُجيبه لكن متكَرِّهة، يظهر في وجهها الكراهة والبغض لهذا الشيء، وربما أنها تقول كلمات أيضًا تُسمِعه ( ... ) وما أشبه ذلك، هذه في الحقيقة أجابته، لكن ما أجابته على وجهٍ يحصل به كمال الاستمتاع، حتى الزوج لا شكَّ أنه يكون في نفسه أنَفَةٌ إذا رأى منها أنها تعامله هذه المعاملة، فهذا نشوز، لكن ماذا يصنع معها؟

أرشد الله عز وجل إلى أن هذا الأمر له ثلاثة مراتب بل أربعة مراتب:

في المرتبة الأولى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} [النساء: ٣٤] هذه واحدة، أن يَعِظها، ومعنى الوعظ أن يُذكِّرها بما يجب لها إذا أطاعتْه من ثواب الله عز وجل وبما يجب عليها من العقاب إذا خالفتْ، ويعظها أيضًا فيقول: إذا فعلْتِ هذا كان سببًا للبغضاء بيننا، وإذا كان لهم أولاد يكون سببًا لتفكُّك الأسرة، ثم إنه إذا حصل التباغض يمكن يحصل الفراق، وإذا حصل فراق يمكن لا تجدين مَن يتزوجكِ، وما أشبه ذلك من الأشياء التي تُلين قلبَها سواء كان ذلك مما يعود إلى عقاب الآخرة أو إلى بلاء الدنيا، المهم أنه يعظها بما يُلين قلبَها حتى تقوم بالواجب، فإن نفعها فذاك.

<<  <  ج: ص:  >  >>