للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{ابْعَثُوا} الخطاب يحتمل أنه لوُلاة الأمور؛ لأنهم هم اللي يوَجَّه إليهم الأمر: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: ٥٨]، {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} [البقرة: ١٧٨]، الخطاب دائمًا موجَّه بلفظ الجمع لوُلاة الأمور؛ لأنهم هم الذين يديرون الأمَّة، فيحتمل أن يكون قوله: {ابْعَثُوا} عائدًا إلى الحاكم، ويحتمل أن يكون عائدًا إلى أقاربهما، لكن هذا قد يُبعده قولُه: {حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} [النساء: ٣٥]؛ إذ لو كان الخطاب في قوله: {فَابْعَثُوا حَكَمًا} لقال: حكَمًا منكم أو من بينكم أو ما أشبه ذلك، فيختار القاضي رجلين عندهما من العلم والثقة والمعرفة ما يؤهِّلهما للحكومة بينهما من أهلها ومن أهله، واختير أن يكون من أهلهما لأنهما أعرَفُ بشؤونهما وأرفَق بهما من الأجنبي، ولذلك أمر الله تعالى أن يكونا من أهله وأهلها.

مثلًا أبو الزوجة يصلح؟

طلبة: يصلح.

الشيخ: وأبو الزوج يصلح؟

طلبة: يصلح.

الشيخ: طيب، أخو الزوجة وأخو الزوج، وكذلك عمَّاهما وما أشبه ذلك من الأقارب، وهذان الرجلان الْمُقامان من قِبَل الحاكم حكَمان كما قال الله تعالى: {حَكَمًا}، وليسا وكيلين خلافًا للمشهور من المذهب، المشهور أنهما وكيلان؛ فيوكِّل الزوج إذا اختير الرجل، يوكِّل الزوجُ صاحبَه وهي توكِّل صاحبَها، ولا يتصرَّفان إلا بإذن الزوج والزوجة؛ لأنهما وكيلان، وفي الحقيقة أننا إذا قلنا بأنهما وكيلان خالفْنا ظاهر القرآن، القرآنُ يقول: {حَكَمًا}، والحكَم ليس وكيلًا، ثم إذا قُلنا: وكيلان، صِرنا ندور في حلقةٍ مفرغةٍ؛ لأن كُلًّا من الزوج والزوجة يريد أن يكون كلامُه هو النافذ التام فلا نستفيد، فالصواب ما دلَّت عليه الآية الكريمة أنهما حكمانِ ولا يحتاجان إلى توكيل، يَدْرُسان الوضع، وينظران مَن المخطئُ، ويكون الحق على مَن أخطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>