للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد نظر الله سبحانه وتعالى إلى النيَّة الطيبة في هذه الحال فقال: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: ٣٥]، إذا أرادا الإصلاح سواء الزوجان أو الحكَمان فإن الله تعالى يوفِّق بينهما ويهديهما لما فيه الخير {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا}، هذان الحكمان إذا رَأَيَا أن المصلحة في التفريق فرَّقا وفَسَخَا النكاح، يفسخانه بينهما ( ... )، إنْ رَأَيَا أن التفريق بعِوَض يكون على أحدهما فلهما ذلك، يُلزمانه، سواء ألزما الزوج أمْ ألزما الزوجة، وإن رَأَيَا أن البقاء أصلح بدراهم تسلمها الزوجة أو يسلمها الزوج فَعَلَا ذلك، المهم أنهما يفعلان ما يريانه أصلح من جمعٍ وتفريقٍ بعِوَض وبدون عِوَض، وبهذا تنحلُّ المشكلة.

بقي أمرٌ خامسٌ دلَّ عليه الحديث، دلَّت عليه السُّنة والقرآن، وهو إذا كانت المرأة تصرِّح بأنها لا تريد الزوج إطلاقًا لا بقليلٍ ولا بكثيرٍ، فهذه المسألة اختلفَ فيها أهل العلم هل يُلزَم الزوجُ بالمخالعة أو لا يُلزم، وسيأتينا إن شاء الله في باب الخلع في الباب الذي يلي هذا، كلام المؤلف الآن فيما إذا خاف الزوج نشوزَ امرأته.

فما الحكم إذا خافت هي نشوزه؟ لأنه أحيانًا يكون النشوز من الزوج؛ يُعرِض عنها، ولا يُلَبِّي طلبها الواجب عليه، أو يُلبِّيه لكنْ بتكَرُّهٍ وتثاقلٍ وما أشبه ذلك.

نقول: الله بيَّن هذا في قوله: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَصَّالَحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا} [النساء: ١٢٨]، {أَنْ يَصَّالَحَا} قراءة سبعية، واخترناها لأنها ( ... ).

{وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} {نُشُوزًا} يعني يترفَّع عليها ويستهجنها ( ... ) أو ما أشبه ذلك، أو يقول: أنتِ جاهلة وأنا عندي شهادة دكتوراة، وأنت ما تعرفين ( ... ) أو ما أشبه ذلك، يُهَجِّنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>