للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَوْ إِعْرَاضًا} يُعرِض عنها، ما يقوم بواجبها لا في الفراش ولا في غير الفراش، ولا كأنه زوج، الله عز وجل يقول: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَصَّالَحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا} أن يتصالحا هما بأنفسهما، وما ذكر الله عز وجل هنا لا وعظًا ولا ضربًا، ولا هجرًا، ولا حكمين، والحكمة في هذا ظاهرة جدًّا؛ لأن الأصل أن الرجل قوَّامٌ على المرأة، فقد يكون إعراضه من أجْل إصلاحها، ( ... ) قد أخطأ بخلاف ( ... )، ولهذا هناك يعظها ويهجرها ويضربها، هي لا تعظه ولا تهجره ولا تضربه، ولكن لا بدَّ من مصالحة؛ {يَصَّالَحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا}.

وبهذه الحال إذا لم يمكن أن يتصالحا فيما بينهما فلا حرج من أن يتدخَّل الأقارب، لا على سبيل الحكم ولكن على سبيل الإصلاح، ولهذا ما ذكر الله المحاكمة، ذكر الإصلاحَ وندبَ إليه في قوله: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}، وهذه الجملة كلمتان فقط: {الصُّلْحُ خَيْرٌ} ما هي خاصة بهذه القضية، في كل شيء، وهي من بلاغة القرآن، كلُّ شيء يكون عن طريق الصلح فهو خيرٌ من المحاقَّة؛ لأن المحاقَّة مهما كان يكون في نفسه شيء على صاحبه الذي غلبه، لكن في المصالحة تطمئن النفوس وتستريح، ولكن مع ذلك أشار الله عز وجل إلى أن هذا الصلح الذي هو خير قد يوجد فيه مانعٌ وعائقٌ: {وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} [النساء: ١٢٨]؛ يعني عندنا أن الأناس اللي يتكلمون في نزاع بينهما تجد يحبون الصلح الذي هو خير، لكن نفسك تشح أن تقبل أن يُهضم حقك مهما كان الأمر، ولكن على كل حال اللي عنده عقل يغلب النفس.

فهذا الآن عندنا نشوز المرأة ونشوز الرجل، نشوز المرأة كم من مرتبة؟ أربع مراتب: الموعظة، والهجر، والضرب، والمحاكمة؛ بعث الحكمين. أمَّا نشوز الرجل فما ذكر الله له إلا طريقًا واحدًا وهو الصلح.

<<  <  ج: ص:  >  >>