للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقول: لا يجوز إلا بشرط أن يخافا ألَّا يُقيما حدود الله، فإن كانت الحال صالحةً فإنه لا يجوز، لا يجوز للمرأة أن تطلب المخالعة مع كون الحال جائزةً، فقد رُوي عن النبي عليه الصلاة والسلام أن «مَنْ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ» (٥) فعلى هذا نقول: الخلع مع استقامة الحال لا يجوز، أمَّا مع عدم الاستقامة فلا شكَّ أنه جائزٌ ولا سبيل إلى الطلاق ( ... ).

قال: (مَنْ صحَّ تَبَرُّعُهُ مِن زوجةٍ وأجنبيٍّ صحَّ بَذْلُهُ لعِوَضه). أنتم تعرفون أن الخلع يترتب عليه أمران: الفراق، والمال.

الفراق ممن يكون؟ من الزوج لا غير، أمَّا بَذْل المال فيصح أن تبذله الزوجة، ويصح أن يبذله وليُّها، ويصح أن يبذله أجنبي، كل مَن صحَّ تبرُّعه صحَّ أن يبذل عِوَض الخلع.

وقوله: (مَن صحَّ تبرُّعه) ما قال: مَن صح تصرُّفه، قال: (من صحَّ تبرُّعه)، ولاحظوا أن التبرع أضيق من التصرف، ليس كلُّ مَن صحَّ تصرُّفه صحَّ تبرُّعه، التبرع أضيق؛ مثلًا المحجورُ عليه يصحُّ تصرُّفه في غير ماله ( ... )، ويصحُّ تبرُّعه ولَّا لا؟ ما يصح تبرُّعه. وليُّ اليتيم يصحُّ أن يتصرف بمال اليتيم ولا يصحُّ أن يتبرع، المريض مرض الموت المخوف يصح أن يتصرف في كل ماله، ولا يصح أن يتبرَّع بما زاد على الثلث، وله أمثلة كثيرة، المهم أنه يقول المؤلف هنا: (مَن صحَّ تبرُّعه).

وقوله: (مِن زوجةٍ وأجنبيٍّ صحَّ بَذْلُهُ لعِوَضه)؛ يعني صح أن يُبذل للزوج عِوَضًا ليخالع زوجته، هذا يصح من حيث الحكم الوضعي، لكن هل يجوز من حيث الحكم التكليفي الشرعي؟ لأنه سبق لنا في كتاب أصول الفقه: أن الأحكام العامة التكليفية وهي خمسة: الواجب، والجائز، والمحرَّم، والمكروه، والمندوب. والوضعية وهي: الصحيح، والفاسد، والشرط، وما أشبه ذلك، والسبب.

فهنا نقول: (مَن صحَّ تبرُّعه)، هذا حكم وضعي، المؤلف يتكلم عن صحة البَذْل فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>