للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا وقع بلفظ الخلع كان فسخًا، وفائدة قولنا: إنه فسْخٌ، أنه لا ينقص عددَ الطلاق، ما يُحسَب عليه طلقة؛ فلو كان طلَّقها قبل ذلك مرتين ثم خالعها في الثالثة وأراد أن يتزوَّجها فلا حرج؛ لأنه ما طلَّق إلا مرتين، الخلع هذا لا يُحسَب عليه، ليس محسوبًا من الطلاق؛ الدليل قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩] هذا فِداء، ثم قال بعد ذلك: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ} [البقرة: ٢٣٠]، {فَإِنْ طَلَّقَهَا} غير اللي فيه الفداء، لو حُسِب الفداء لكان قوله: {فَإِنْ طَلَّقَهَا} طلقةً رابعةً، والمرأة تبين بالطلقة الثالثة بالنص والإجماع، وعلى هذا فنقول: إن الآية صريحةٌ في أن ما وقع فداءً فإنه ليس بطلاقٍ ولا يُحسب عليه.

ولكن المؤلف يقول: (إنْ وَقَعَ بلفظ الخلعِ أو الفسخِ أو الفداءِ ... كان فسخًا) يعني فإن وقع بغيرها بلفظ الطلاق فهو طلاقٌ كما سبق، وهذا الذي مشى عليه المؤلف هو المشهور من مذهب الإمام أحمد، وهو قولٌ وسطٌ بين قولين.

والقول الثاني: أنه طلاقٌ بكل حال، حتى لو وقع بلفظ الخلع أو الفسخ فهو طلاق.

والقول الثالث: أنه فسخٌ بكل حال ولو وقع بلفظ الطلاق، وهذا الأخير اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو المنصوص عن أحمد وقول قدماء أصحابه، هكذا حكى عنه شيخ الإسلام أنه فسخٌ مطلقًا ولو وقع بلفظ الطلاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>