للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: إن الإمام أحمد نصَّ على أنه يقول بما قال ابن عباس رضي الله عنهما، وابن عباسٍ يقول: كلُّ ما جازه المالُ -يعني: كل ما دخل فيه المال- فهو خلعٌ وليس بطلاق (١٢). وعلى هذا فلا عبرة باللفظ، العبرةُ بالمعنى، فما دامت المرأة قد بذلتْ هذا فداءً لنفسها فلا فرق بين أن يكون بلفظ الطلاق أو بلفظ الخلع أو بلفظ الفسخ، وهذا القول قريبٌ من الصواب أنه يكون فسخًا بكل حال.

لكنه ما زال يُشكل عندي قول الرسول عليه الصلاة والسلام لثابت بن قيس: «اقْبَلِ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً» (٧) بهذا اللفظ «طَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً»، إلا أن الرواة اختلفوا في نقل هذا الحديث؛ فالحديث اللي فيه «طَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً» كأن البخاري يميل إلى أنه مرسلٌ وليس متصلًا، وأمَّا الأحاديث الأخرى: «اقْبَلِ الْحَدِيقَةَ وَفَارِقْهَا» بهذا اللفظ، فإذا تبيَّن أن الراجح من ألفاظ الحديث: «اقْبَلِ الْحَدِيقَةَ وَفَارِقْهَا» (١٣) فلا شك أن الصواب قول ابن عباس ومَن تابعه، الذي هو نص الرواية عن أحمد وعليه قدماء أصحابه أنه فسخ بكل حالٍ ولو وقع بلفظ الطلاق.

أمَّا إذا صحَّت اللفظة: «اقْبَلِ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا» فإنه واضحٌ أنه طلاق، ولا يمكن للإنسان أن يحيد عنه، وتُحمَل رواية: «فَارِقْهَا» على أن المراد: فارِقْها فراق طلاق.

فهِمْنا الآن كلام أهل العلم في هذه المسألة، للعلماء في هذه المسألة ثلاثة آراء:

الرأي الأول: أن الخلع طلاقٌ مطلقًا.

الرأي الثاني: أنه فسخٌ مطلقًا، وهذان الرأيان متقابلان، والقول بأنه طلاقٌ مطلقًا لا شك أنه ضعيف.

القول الثالث: أنه إن وقع بلفظ الخلع أو الفسخ أو الفداء فليس بطلاق، فهو خلع وليس بطلاق، وإنْ وقع بلفظ الطلاق أو نيَّته مع الكناية فإنه طلاقٌ، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد.

طالب: إذا تراجع؛ يعني ردَّ عليها الفداء وراجعها، هل تصح الرجعة؟

الشيخ: لا، ما تصح.

طالب: ولو رضِيتْ هي؟

<<  <  ج: ص:  >  >>