للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهل نقول في هذه الحال: ينبغي أن يشاورها، أو ما حاجة؟

طلبة: ينبغي.

الشيخ: أن نقول: ينبغي له أن يقول لها: أنت مثلًا كما ترين، تشاهدين أنك أُصِبْتِ بهذا الأمر، فإن رغبت أن أطلقك فلا حرج؟ في هذه الحال أنا أتردد هل يُسْتَحَبّ أن يشاورها أو لا يستحب؟ السبب لأنها ربما يكون عندها رغبة في الزوج، وتقول: لا، أرغب أني أبقى، وبقاؤها يكون ضررًا عليها وهدمًا لصحتها، فإذا قلنا: إنه يجعل المسألة من جهته هو على أنه معالِج وطبيب، إذا رأى أن المصلحة -مصلحتها هي- تقتضي أن يطلِّقها طلَّقَها.

نعم لو استضاقت منه لقلة ذات اليد، مثلًا إنسان فقير، وهي مثلًا من بيت أغنياء، وشاف أن المرأة متضجِّرة من فقره، فهنا نقول: يُسْتَحَبّ أن يشاورها، مثلما أمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام في قوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (٢٨) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: ٢٨، ٢٩]، أول مَن بدأ بها عائشة رضي الله عنها، وهي أصغرهن، وخاف صلى الله عليه وسلم أنها لصغرها تريد الحياة الدنيا، فقال: «مَا عَلَيْكِ أَلَّا تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ فِي هَذَا»، يعني معناه: شاوري أبويك في هذا الأمر، قالت: يا رسول الله، أفي هذا أشاور -أستأمر- أبوي؟ ! إني أريد الله والدار الآخرة (٣)، رضي الله عنها.

فالمهم، إذا كان السبب هو قلة ذات يد الرجل، أو سوء عشرته مثلًا، أو ما أشبه ذلك؛ لأن بعض الناس يكون أحمق ضيِّق النفس، فهذه نرى أنه يشاورها، وأما إذا كان ذلك لسبب فيها هي فأرى أن يُنَزِّل نفسه في هذه الحال منزلة الطبيب المعالِج، وينظر ما تقتضيه المصلحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>