وقول المؤلف:(فبدعةٌ يقع) يعني معناه: أن الطلاق يقع حتى في الحال التي يحرُم فيها، الدليل على هذا حديث ابن عمر، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لما بلغه الخبر قال:«مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا»، والمراجعة ما تكون إلا فرعًا عن وقوع الطلاق؛ لأنه لا مراجعة مع غير الطلاق، فقول الرسول عليه الصلاة والسلام:«مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا» لا شك أنه دليل –يعني عند هؤلاء– دليل على وقوع الطلاق؛ إذ إن المراجعة فرع عنه، وحينئذٍ فيكون واقعًا.
دليل آخر من الحديث: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا»، ولو كانت الطلقة غير واقعة لقال: إنه لم يَقَع، أحسن من كونه يقول له:«مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا»؛ لأنه إذا لم يقع، سواء راجع ولّا ما راجع فالطلاق تام ولّا غير تام؟
طلبة: غير تام.
الشيخ: الطلاق غير تام، فكونه يلزمه ويقول له: روح راجِع، ما له داعٍ، يقول: أَخْبِرْه بأن طلاقه لم يقع، هذا وجه آخر.
الوجه الثالث: أنه ورد في بعض ألفاظ الحديث في صحيح البخاري: «أَنَّهَا حُسِبَتْ مِنْ طَلَاقِهَا»(١٣)، وهذا نص صريح في أنه وقع الطلاق.
وجه ذلك: لو لم يقع ما حُسِبَ من الطلاق، فحُسبانه من الطلاق دليل على الوقوع، واللفظة هذه في صحيح البخاري.
هذه ثلاثة أدلة من هذا الحديث تدل على وقوعه.
الوجه الرابع: عموم قوله تعالى: {اَلطَّلاَقُ مَرَّتَانِ}[البقرة: ٢٢٩]، ولم يفصِّل الله عز وجل هل وقع في حيض، أو في طهر جامعها فيه، أو لا؟ فأثبت الله تعالى وقوع الطلاق، وأن العدد الذي يمكن أن يراجعها فيه كم؟ مرتان، {فَإِنْ طَلَّقَهَا} الثالثة {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}[البقرة: ٢٣٠].