للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا هو مذهب الأئمة الأربعة: مالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل، وعليه جمهور الأمة.

وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يقع، واستدلوا بحديث رواه أبو داود بسند صحيح؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم ردَّها على ابن عمر ولم يَرَها شيئًا (١٦)، فقالوا: ولم يَرَها شيئًا، يعني معناه: ما اعتُبِرَت شيئًا، هذا واحد.

وقالوا: الدليل على ذلك أيضًا قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (١٧)، والطلاق لغير العدة عمل ليس عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون مردودًا، وإلا لو أننا أمضينا ما لم يكن عليه أمر الله ورسوله لكنا مُضَادِّين لله ورسوله في الحكم، الله يقول: لا تفعلوا، ونحن نقول: نفعل ونُمضي! ! فيكون مضادة لحكم الله ورسوله.

وقالوا أيضًا لما أُورِد عليهم إيراد بأن الظِّهار مُنْكَر من القول وزور، هو حرام بلا شك، ومع ذلك يَمْضِي ولّا ما يمضي؟ يمضي، وتترتب عليه أحكامه، ويقال للمظاهِر: لا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به، وهو مُنْكَر وزور، فهذا الحيض مثله مُنْكَر وزُور، فتترتب عليه أحكامه، ونقول للرجل: حُسِبَت عليك وأُمْضِيَت عليك.

لكنهم يجيبون عن ذلك فيقولون: إن الظهار ليس إلا مُنْكَرًا، ما يقع إلا منكرًا، كالزنا تترتب عليه أحكامه مع أنه مُنْكَر، بخلاف الطلاق فإنه يكون مُنْكَرًا ويكون مباحًا، فإذا فُعِل على وجه الإباحة فقد فُعِل على ما عليه أمر الله ورسوله، وإذا فُعِلَ على غير وجه الإباحة فقد فُعل على غير أمر الله ورسوله فينطبق عليه الحديث، ويكون الذي له حالان؛ موافَقة للشرع ومخالَفة، نقول: إن فُعِل على الوجه الموافِق فهو نافذ، وإن فُعِل على الوجه المخالِف فهو غير نافذ.

أما ما لا يوافِق الشرع إطلاقًا فإنه يُرتَّب عليه ما رَتَّبه الشرع عليه بمجرد وجوده، فانفكوا عن هذا الإيراد.

<<  <  ج: ص:  >  >>