للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهل هذه هي المراجعة من طلاق، أو ابتداءُ عقد؟ ابتداءُ عقد، ما هي مراجعة من طلاق، فدل هذا على أن المراجعة في الكتاب والسنة لا تعني المراجعة في الاصطلاح؛ وهي رد الرجعية إلى النكاح، بل هي أعم من ذلك.

والحاصل أن هذه المسألة فيها هذا الخلاف، وتحتاج إلى عناية تامة من طالب العلم؛ لأن سبيل الاحتياط فيها متعذِّر، ماذا تريد أن تقول إن قلت: أنا أريد الاحتياط؟ تسلك سبيل مَن؟ إن قلت: الاحتياط بتنفيذ الطلاق مُشْكِل، وقعت في حرج؛ لأنك سوف تُحِلُّها لرجل آخر لا تحل له، وإن قلت: الاحتياط ألَّا أمضيه مُشْكِل ثانٍ؛ لأنك ستحلُّها لزوجها، وهي حرام عليه.

هذه المسألة من المسائل التي لا يمكن فيها سلوك الاحتياط، التي يجب أن الإنسان بقدر ما يجتهد بقدر ما يستطيع أن يحقق فيها إما هذا القول وإما هذا القول، ما فيه خيار.

ونظيرها في العبادات اختلافُ العلماء متى يدخل وقت العصر؟ قال بعض العلماء: لا يدخل وقت العصر إلا إذا صار ظل كل شيء مثليه، وقال الجمهور: يدخل إذا صار ظل كل شيء مثله، ويحرُم أن تؤخَّر إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه، كيف تحتاط؟

إن صليت قبل أن يصير ظل كل شيء مثليه، قال لك أولئك: أنت الآن صلاتك ما تصح، حرام عليك ولا تصح، وإن صليت عقب ما يصير ظل كل شيء مثليه، قال لك الآخرون: تأخيرك الصلاة إلى هذا الوقت حرام، فأنت الآن مشكل، مَن تُرَجِّح؟

مثل ها المسائل هذه جانب الاحتياط فيها يكون متعذِّرًا، فلا يبقى أمام طالب العلم إلا أن يسلك طريقًا واحدًا، ويجتهد بقدر ما يستطيع في معرفة الصواب من القولين، ويستخير الله ويمشي عليه، ولا مانع من أن الإنسان إذا مشى على هذا برهة من الزمن بناء على أن هذا هو القول الصواب، ثم تبين له أن الصواب في خلافه هل هناك مانع أن يرجع؟ لا مانع أن يرجع، بل يجب أن يرجع، إذا تبين له الحق يجب أن يرجع.

ثم إذا أفتى بخلاف ما كان يقوله من قبل، فهل تُعْتَبَر الفتوى الأخيرة رجوعًا أو لا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>