للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجواب: لا، ما تعتبر رجوعًا، يكون له في المسألة قولان، إلا إذا صرَّح بالرجوع، أو صرح بحصر قوله في هذا الأخير مثلًا فإنه يعتبر رجوعًا.

عندنا الآن: إذا أفتى المجتهد بفتوى من قبل، ثم أفتى بخلافها أخيرًا، نقول: هذه لا تخلو من ثلاث حالات؛ إما أن يفتي بالأخير ويسكت عن الأول، أو يفتي بالأخير ويصرِّح بأنه رجع عن الأول، أو يفتي بالأخير ويأتي بما يدل على انحصار قوله فيه.

ففي الحال الأولى: يكون له في المسألة قولان، ولا نقول: إنه رجع؛ لأن المجتهد كما تعرفون يرى في وقت من الأوقات أن الصواب في هذا، ثم يأتيه مثلًا تَرِد عليه أدلة ما كانت بانت له من قبل، أو يأتي في المسألة مناقشة، ومع المناقشة تتمحص الأشياء وتتبين فيختلف اجتهاده، ولكن كما قال العلماء: الاجتهاد لا يُنقَض بالاجتهاد، ولهذا الإمام أحمد رحمه الله تجدون عنه في الكثير من مسائل الفقه يكون له فيها روايتان، كثيرًا، راجعوا المقنع يتبين لكم، دائمًا: على روايتين، في روايتان، وكذا وكذا.

الثاني قلنا: إذا صرح بالرجوع فالأمر واضح، مثَّلنا لكم مرة بمثال للإمام أحمد في مسألة طلاق السكران؛ أنه كان بالأول يقول بطلاق السكران، يقول: ثم تبينته، فوجدت أني إذا أوقعته أتيت خصلتين، وإذا لم أوقعه أتيت خصلة واحدة.

أما الحال الثالثة التي يحصر قوله فيها، فيمكن أن نضرب لذلك مثلًا بحال أبي الحسن الأشعري، أبو الحسن الأشعري كان في أول أمره؟

طالب: أشعريًّا.

الشيخ: معتزليًّا، ما هو أشعري، هو اسمه الأشعري، كان معتزليًّا على مذهب المعتزلة تمامًا، ينصره ويدافع عنه، وبقي على هذا نحو أربعين سنة، لكن من شاء الله أن يهديه هداه، ثم اتصل بعبد الله بن سعيد بن كُلَّاب، وهو أحسن من المعتزلة بكثير، فأخذ منه وتأثر به، وترك مذهب المعتزلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>