للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم إنه أخيرًا ذكر في كتابه الإبانة، وهو من آخر ما صنف أو آخر ما صنف، أن قوله ينحصر في مذهب الإمام أحمد بن حنبل؛ لأنه قال: فإن قال قائل: بماذا تقولون؟ قال: نقول بقول الإمام أحمد بن حنبل. وهذا معناه أنه رجع عما سبق، لكن ما قال: وأرجع، إلا أنه لما رجع عن مذهب المعتزلة صرح بالرجوع عنهم، وصار يذمهم ويسبهم وبين معائبهم رحمه الله.

الشاهد الآن قلنا بالحقيقة: هذه أتينا بها لأنها مفيدة لطالب العلم، وأنه يجب على طالب العلم إذا بَانَ له الحق أن يرجع إلى الحق، النبي عليه الصلاة والسلام أحيانًا يفتي ثم يأتيه الوحي فيرجع عما أفتى به، وهو النبي صلى الله عليه وسلم، لما جاءه رجل وسأله عن الشهادة هل تكفِّر؟ قال: «تُكَفِّرُ كُلَّ شَيْءٍ»، ثم انصرف الرجل، ثم دعاه فقال: «إِلَّا الدَّيْنَ، أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ جِبْرِيلُ آنِفًا» (١).

كذلك أيضًا عمر بن الخطاب رضي الله عنه رُوِيَ عنه في مسألة الحِمارية روايتان؛ رواية بالأول أنه منع الإخوة الأشقاء من الاشتراك مع الإخوة من الأم، والرواية الثانية شرَّكهم، وقال: ذاك على ما قضينا، وهذا على ما نقضي (٢)، وكذلك الأئمة -أئمة أهل الدين- كلهم يكون لهم في المسألة رأيان، حتى أبو حنيفة مرة قال لرجل: لا تأخذ بقولي، إني أقول القول اليوم وأقول غيره غدًا، ولكن عليك بالكتاب والسنة.

فالحاصل الآن أننا نقول: هذه المسألة -أعني مسألة الطلاق في الحيض- من أكبر مهمات هذا الباب، ويجب على الإنسان أن يحققها بقدر ما يستطيع، حتى يصل فيها إلى ما يتبين له؛ لأن المسألة ما فيها احتياط.

ثم المسألة خطيرة، افرض أن هذا الرجل طلق في الحيض امرأة هذه آخر تطليقة، هذه خطيرة، يعني إما نحلها له، ولَّا نحرمها عليه حتى تنكح زوجًا غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>