للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعندي أن هذه المسألة ينبغي أن يُرجع فيها إلى اجتهاد القاضي، ما دام رُويت عن أمير المؤمنين عمر، وعمر رضي الله عنه معروف بسياسته، فإذا رأى القاضي أن يمنعه منها منعًا مؤبدًا عقوبةً له وردعًا لغيره، لو رأى ذلك فلا حرج عليه، ويكون هذا من باب التعزير، والتعزير يجوز بأن يُتلف على المرء ما يحبه المرءُ كالتعزير بالمال، وأن يمنع المرء مما يحبه، كما في هذه المسألة، وكما عزَّر عمر رضي الله عنه المطلقين ثلاثًا، عزرهم بإمضاء الثلاثة عليهم.

والحاصل أن المذهب أنها تحل للزوج الذي وطئها في عدتها تحل له متى؟ بعد انقضاء العدتين. وقال بعض العلماء: تحل له إذا شرعت في عدته، إذا انقضت عدة الأول حلت للثاني؛ لأن العدة له والماء ماؤه، فتحل له. وقد سبق لنا في المحرمات بالنكاح أن المعتدة والمستبرأة، المعتدة من شخص، والمستبرأة منه إذا كان اعتدادها من أمر أو من وطء يلحق فيه النسب فإنها تحل للواطئ.

فصارت الأقوال في هذه المسألة كم؟ ثلاثة: قول أنها تحل لواطئها بعد انقضاء عدة الأول، هذا قول.

قول ثان: تحل للواطئ بعد انقضاء العدتين.

قول ثالث: لا تحل له أبدًا، هذه الأقوال الثلاثة.

والمذهب؟ المذهب هو وسط في هذه الأقوال، يقول: (تحلُّ له بعْقدٍ بعد انقضاءِ العِدَّتينِ)، ولكن من حيث القواعد الراجح القول الأول، أنها تحل له بعقد بعد انقضاء عدة الأول، لا سيما إذا تاب إلى الله عز وجل وأناب؛ لأن العدة له، فهو صاحب العدة، لكن إذا رأى الإمام أو الحاكم الشرعي أن يمنعه منها مطلقًا على حد ما رُوي عن عمر فإن له ذلك.

طالب: لو كان النكاح باطلًا، فلماذا لا تُستبرأ ولا تعتد منه، لا حق لها؟

الشيخ: هو ينبني على ما سبق، المذهب أنها تعتد منه ولو كان باطلًا.

قال: (تحل له بعد انقضاء العدتين، وَإِنْ تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّتِهَا لَمْ تَنْقَطِعْ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا).

<<  <  ج: ص:  >  >>