للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولهذا يُذْكر أن شيخ الإسلام ابن تيمية لما دخل التتار الشام مَرَّ هو وصاحب له بقوم يشربون الخمر من التتار، ولم ينههم شيخ الإسلام، فقال له صاحبه في ذلك، قال له: لو نهيناهم عن هذا تركوا الخمر، وراحوا يهتكون أعراض المسلمين؛ لأن هؤلاء قوم مفسدون، خَلِّهم يلهون بخمرهم اللي شره عليهم ولا يتعدى، شوف كيف الحكمة؟

وهذه -أعني استعمال الحكمة- أمر ضروري للإنسان الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر.

أما استعمال الرفق فهو أيضًا كمال للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر.

ويعلم بعضكم أن رجلًا يهوديًّا مر على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده عائشة، قال: السام عليك يا محمد. قالت عائشة غيرة لله ورسوله: عليك السام واللعنة -نعم، حمل ( ... ). السام واللعنة جميعًا- فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، قُولُوا إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ، قُولُوا: وَعَلَيْكُمْ»، (٤) إن كان هم قائلين: السلام. فهو عليهم، وإن كان هم قائلين: السام. فهو عليهم، عدل هذا. نعم، هذا هو العدل.

ثم قال: «إِنَّ اللَّهَ يُعْطِي بِالرِّفْقِ مَا لَا يُعْطَي عَلَى الْعُنْفِ»، (٥) الله أكبر، غيرتنا تأبى إلا أن نعنف ونستعمل العنف، ونظن أن هذا هو الذي يحل المشكلة، ولكنِ الأعلم منا والأنصح محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول -وهو صادق بار- يقول عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ اللَّهَ يُعْطِي بِالرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ».

ويُذْكَر عن أحد العلماء من أئمة الدعوة رحمهم الله أنه مر على عامل -وأحد رواها لي: مر على صاحب نخل- قلت له: قد أذن المغرب، ولَّا هذا يُغَنِّي؛ يغني على إبله لأن الإبل تطرب للغناء، يغني عليها، فوقف عليه قال: ما تستحي على روحك؟ يا الحمار، يا اللي فيك ما لا فيك، كيف ما تصلي؟ هذاك مسكين، غضب، قال له: ها الحمار أنت، ولن أصلي، وصلاتي لي. وراح ( ... ).

<<  <  ج: ص:  >  >>