للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قال قائل: أَنَّى لنا أن نصلِّي في الكعبة؟

فالجوابُ من وجهينِ؛ أحدهما: أن ذلك غير ممتنعٍ عقلًا ولا حِسًّا؛ بإمكان الإنسانِ أن يُفتح له بابُ الكعبة ويُصلِّي في جوفها، وقد وقع هذا لمحدِّثكم سَنَةً من السنين، ثم إذا لم يمكن أن يُفتح له الباب فالحِجْر مفتوحٌ له، والحِجْر ستَّةُ أذرعٍ منه وشيءٌ؛ حوالي النصف، كلُّه من الكعبة، فمِن الممكن أن يُصلِّي الإنسانُ الفريضةَ في الحِجْر.

فإذا قال قائلٌ: الواقع قد يمنعُ من ذلك؛ لأنهم الآن يمنعون من صلاةِ الفريضةِ في الحِجْر، أليس كذلك؟

طلبة: بلى.

الشيخ: إذا أُقِيمت الصلاة طلَّعُوا الناسَ من الحِجْر.

الجواب: نعم، هذا صحيحٌ، لكنْ يُمْكن أن يُصلِّي الإنسانُ فائتةً في غير صلاةِ الجماعةِ يصلِّيها في نفْسِ الحِجْر، فإذا فَعَل ذلك فهلْ تصِحُّ أو لا؟

ينبني على الخلاف؛ إن قلنا بعَدَم الصحَّة -صِحَّةِ الفريضةِ في الكعبة- فالصلاةُ في الجزء الذي مِن الكعبة مِن الحِجْر لا تصِحُّ.

قال المؤلف: (وتصِحُّ النَّافلةُ) اشترط قال: (باستقبالِ شاخصٍ منها) لا بدَّ أن يكون بين يديه شيءٌ شاخصٌ؛ أي: شخصٌ متشخِّصٌ قائمٌ من الكعبة، حتى في النافلة لا بدَّ من شاخصٍ.

ما هو الشاخص؟

الشيءُ القائمُ المتَّصِل بالكعبة المبنِيُّ فيها، وعلى هذا فلو صلَّى إلى جهةِ الباب وهو مفتوحٌ -هو داخل الكعبةِ صلَّى إلى جهة الباب وهو مفتوح- هلْ تصحُّ صلاتُه؟

على كلام المؤلف لا تصحُّ؛ لأنه ليس بين يديه شاخصٌ منها، فإنْ وضع لَبِنَةً أو لَبِنَتَيْنِ بين يديه لا تصحُّ أيضًا؛ لأنها ليستْ منها، ليستْ متَّصلة.

وقال بعضُ أهل العلم: إنه لا يُشتَرطُ استقبالُ الشاخص، قاله بعضُ أصحابنا، تصحُّ النافلةُ في الكعبة وإنْ لم يكنْ بين يديه شيءٌ منها شاخصٌ، واستدلُّوا لذلك بأنَّ الواجبَ استقبالُ الهواء، والهواءُ تابعٌ للقرار.

<<  <  ج: ص:  >  >>