للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قُلتَ: ما هو الدليلُ؟ أنت الآن علَّلْتَ، لكنْ ما هو الدليل؟

قلنا: الدليلُ هو ذلك الحديثُ الذي يُعتبر قاعدةً عظيمةً من قواعد الشرع؛ حديثُ عائشة رضي الله عنها: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (٧)، فمَن استقبلَ غير القِبْلة فقد عَمِل عملًا ليس عليه أمْرُ اللهِ ورسولِه، فيكون عملُه مردودًا.

استثنى المؤلفُ قال: (إلا لعاجزٍ)، العاجزُ تصحُّ صلاتُه بدون استقبالِ القِبْلةِ؛ مِثْل أنْ يكون مريضًا لا يستطيعُ الحركةَ وليس عنده أحدٌ يوجِّهُهُ إلى القِبْلة، فهُنا يتَّجهُ حيث كان وَجْهُهُ لأنه عاجزٌ.

ودليلُ ذلك قولُه تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]، وقولُه تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦]، وقولُه تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [الأعراف: ٤٢]، وقولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» (١٧)، فالعاجز لا يَلْزمه استقبال القِبْلة لعجزه؛ لأنه غيرُ مكلَّفٍ بما يعجز عنه، فتصِحُّ الصلاةُ.

يُستثنى أيضًا في حال اشتداد الحربِ، يسقطُ استقبالُ القِبْلة، وقد يُقال: إنَّ هذا نوعٌ من العجز؛ يعني مِثْل لو كان الحربُ فيه كَرٌّ وفَرٌّ فإنه يسقطُ عنه استقبالُ القِبْلة في هذه الحال.

الدليل؟

طالب: الأدلَّة السابقة.

الشيخ: الأدلَّة السابقة.

ومِثْل ذلك لو هَرَبَ الإنسانُ من عدوٍّ، أو هَرَبَ من سَيْلٍ، أو هَرَبَ من حريقٍ، أو هَرَبَ من زلازلَ أو ما أشبه ذلك؛ فإنه يسقطُ عنه استقبالُ القِبْلة في هذه الحال، والأدلَّة ما سبق.

الثالث قال: (إلا لعاجز، ومتنفِّلٍ) هذه معطوفة على (عاجزٍ)، (ومتنفِّلٍ راكبٍ سائرٍ في سَفَرٍ).

<<  <  ج: ص:  >  >>