للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا أيضًا له أصل في الكتاب، قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]، وهذا استطاعته.

ثانيًا: (لم يتبع أحدهما الآخر) أي: في متابعة الائتمام، فلا يأتمّ به؛ لماذا؟ لأن كل واحد منهما يعتقد أن هذا أخطأ القِبلة، وللتضادّ، كيف التضاد؟ إذا كان الإمام يرى أن القبلة جنوب، والمأموم يرى أن القبلة شمال، أين يتجه الإمام؟

طلبة: إلى الجنوب.

الشيخ: إلى الجنوب، والمأموم؟

طلبة: إلى الشمال.

الشيخ: إلى الشمال، صار المأموم قد استدبر الإمام؛ هذا تضاد، إذا ركع الإمام إلى الجنوب ركع ذاك إلى الشمال، هذه مخالفة تضاد، والمقصود من الجماعة هي الائتلاف.

وقال بعض أهل العلم: بل يجوز أن يتبعه، وإذا كانت الصلاة صلاة جماعة واجبة وجب أن يتبعه، ويأتم به؛ لأن كل واحد منهما يعتقد خطأ الآخر بالنسبة لاجتهاده، وصوابه بالنسبة لاجتهاد نفسه، واضح؟

أنا أعتقد أن الإمام مخطئ لما اتجه إلى الجنوب باعتقادي أنا، لكن باجتهاده هو أعتقد أنه مُصيب، وأنه لو تابعني لبطلت صلاته.

قالوا: ونظير ذلك لو أن رجلين أكلَا من لحم إبل؛ أحدهما: يعتقد أن لحم الإبل ناقِض، والثاني: يعتقد أن لحم الإبل غير ناقض، فائتم أحدهما بالآخر، فهنا أحدهما يعتقد بُطلان صلاة الآخر، ومع ذلك يجوز أن يأتم أحدهما بالآخر، يجوز، قالوا: فهذا مثل هذا، واعتقاد الخطأ في الحكم كاعتقاد الخطأ في الحال، الذي خالفني في القِبلة قد اتفقت معه على الحكم؛ وأن استقبال القبلة شرط، لكن اختلفنا في أيش؟ في الحال، أنا أعتقد أن هذه هي القبلة، وهو يعتقد أن القبلة مخالفة لذلك، فلا فرق بين أن أعتقد أن هذا اللحم ناقِض الوضوء، وهو يعتقد أنه ليس بناقض.

وهذا القول أقرب، وهو جواز اتباع أحدهما الآخر مع اختلافهما في جهة الكعبة أو القبلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>