للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: صحيحة، ولهذا ذهب الموفق إلى أنه في مسألة القبلة يجوز أن يقتدي أحدهما بالآخر قال: لأن كل واحد منهما يعتقد أن صلاة الآخر باطلة باعتقاده هو لا باعتقاد صاحبه، وما قاله الموفَّق جيد، لكنه يُشكل عليه مسألة التضاد، «وَإِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» (٧)، وهذا في الحقيقة مضاد له على الخط؛ الشكل والهيئة؛ الهيئة ربما يوافقه، لكن الشكل إذا قال هذا: الله أكبر، وانحنى نحو الشمال قال الثاني: الله أكبر، وانحنى نحو الجنوب، كأنما يبعد عنه، فالمذهب كأنه -والله أعلم- أقرب إلى الصواب في هذا.

إذا كان هناك مقلِّد من يتبع؟ اختلف اجتهاد الرجلين عنده، فمن يتبع؟

طالب: من يثق به؛ بأحدهما.

الشيخ: أيهما؟

الطالب: أقول: اللي يثق به ( ... ).

الشيخ: كلهم يثق بهم، نعم؟

طالب: ( ... ).

الشيخ: الأوثق، فإن كانا سواء عنده؟

الطالب: يرجّح.

الشيخ: ما عنده ترجيح.

طالب: يخير بينهما.

الشيخ: يخير بينهما، صح، كالعامي إذا أفتاه رجلان، ورأى أنهما في العِلم سواء، وفي الأمانة سواء فإنه يُخيَّر.

***

قال المؤلف رحمه الله: (ومن صلَّى بغير اجتهاد ولا تقليد قضى إن وجد من يقلده).

(من صلَّى بغير اجتهاد) إن كان يحسنه، (ولا تقليد) إن كان لا يحسنه فإنه يقضي؛ لأنه لم يأتِ بما يجب عليه، فكان بذلك مُفرِّطًا؛ فوجب عليه القضاء؛ مثال ذلك: رجل يُحسن الاجتهاد، ويعرف دلائل القبلة بالقطب، أو الشمس، أو القمر، ولكنه متهاون، قام وصلَّى بغير اجتهاد؛ فإنه يجب عليه القضاء.

وظاهر كلام المؤلف أنه يقضي ولو أصاب؛ وذلك لأنه لم يقُم بالواجب عليه من الاجتهاد، وإصابته وقعت على سبيل الصدفة لا على سبيل الركون إلى هذه الجهة؛ لأنه لم يجتهد، أعرفتم؟

ولهذا قال المؤلف: (قضى) كذلك لو كان الرجل ليس من أهل الاجتهاد، ففرضه التقليد، ولكنه لم يقلد، ما سأل أحدًا، لم يسأل أحدًا من الناس، وصلَّى هكذا، فإنه يقضي ولو أصاب، لماذا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>