للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه ترك ما يجب عليه؛ إذ الواجب عليه أن يعرف أن هذه هي القبلة، إما باجتهاد إن كان يحسنه أو بتقليد إذا كان لا يحسنه، أما أن يقوم ويصلِّي هكذا؛ فهذا لا يجزئه، وهذه الأخيرة تقع كثيرًا، يأتي رجل إلى شخص ضيفًا عنده، ثم يقوم يصلي، ولا يسأل صاحب البيت أين القبلة؟ فيصلي هكذا، ليس أمامه شيء يجتهد فيه، بل وليس هو من أهل الاجتهاد الذين يعرفون القبلة بالشمس والقمر، فقام وصلَّى هكذا، فنقول له: يجب عليك أن تعيد الصلاة ولو أصبت؛ لأنك لم تأتِ بالواجب؛ فأنت لم تجتهد؛ يعني ما خرجت من الحجرة لتنظر أين الشمس، أين القمر، أين القطب؟ ولم تسأل صاحب البيت، فلم تأتِ بما يجب عليك من الاجتهاد ولا من التقليد؛ فيجب عليه أن يقضي ولو أصاب.

إذن ما الواجب على هذا الضيف إذا أراد أن يصلي؟ أن يسأل صاحب البيت؛ لأن صاحب البيت عنده علم بالقبلة.

وقال بعض العلماء: إنه إذا أصاب أجزأ؛ لأنه مهما كان سواء كان عنده اجتهاد أو تقليد؛ فإنه لن يُصلِّي إلا إلى جهة تطمئن إليها نفسه، فإذا أصاب، فلماذا نُلزمه بالقضاء؟

وهذا القول أصح؛ لأنه حتى وإن كان لم يجتهد، ولم يَسأل لا يمكن أن يُصلي إلا إلى جهة تطمئن إليها نفسه، فيقول: والله أنا ظننت أن هذه القبلة، نقول: إن أخطأ وجَبَت عليه الإعادة؛ لأنه لم يأتِ بما يجب عليه من السؤال ولا من الاجتهاد، وإن أصاب فقد أصاب، وليس عليه إعادة، وهذا القول هو الأرجح، وهو المتعيّن، أما إذا أخطأ فالأمر ظاهر؟

هل الْحَضَر محل للاجتهاد أو لا؟

الجواب: أما المذهب فليس محلًّا للاجتهاد، وأظنه مر علينا في كلام المؤلف قال: (يُستدل عليها في السفر بالقطب)، فعند الأصحاب -رحمهم الله- أن الحضر ليس محلًّا للاجتهاد، ولا ريب أن هذا القول ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>