{يَا أَيُّهَا الذينَ آمَنُواْ} بعد ما أمر الولاةَ بطريق العمومِ أو بطريق الخصوصِ بأداء الأماناتِ والعدلِ في الحكومات أمرَ سائرَ الناسِ بطاعتهم لكنْ لا مطلقاً بل في ضمن طاعة الله تعالى وطاعة رسول اله صلى الله عليه وسلم حيث قيل
{أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرسول وَأُوْلِى الامر مِنْكُمْ} وهم أمراءُ الحقِّ وولاةُ العدلِ كالخلفاء الراشدين ومن يقتدي بهم من المهتدين وأما أمراءُ الجَوْرِ فبمعزل من استحقاق العطفِ على الله تعالى والرسولِ صلى الله عليه وسلم في وجوب الطاعةِ لهم وقيل هم علماءُ الشرعِ لقوله تعالى {وَلَوْ رَدُّوهُ إلى الرسول وإلى أولى الامر مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الذين يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} ويأباهُ قولُه تعالى
{فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِى شَىْء فَرُدُّوهُ إِلَى الله} إذ ليس للمقلد أن ينازعَ المجتهدَ في حكمه إلا أن يجعل الخطاب لأولي الأمر بطريق الالتفاتِ وفيه بعد وتصدير الشرطية بالفاء لترتبها على ما قبلها فإن بيانَ حكمِ طاعةِ أولي الأمرِ عند موافقتِها لطاعة الله تعالى وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم يستدعي بيانَ حكمِها عند المخالفةِ أي إن اختلفتم أنتم وأولوا الأمرِ منكم في أمرٍ من أمورِ الدِّين فراجعوا فيه إلى كتاب الله