{وَقَالَ الذين كَفَرُواْ إِنْ هذا إِلَاّ إِفْكٌ} شروعٌ في حكاية أباطليهم المتعلِّقةِ بالمنزَّلِ والمنزَّل عليه معاً وإبطالِها والموصولُ إمَّا عبارةٌ عن غُلاتِهم في الكفر والطُّغيانِ وهم النَّضرُ بن الحرث وعبدُ اللَّهِ بنُ أميةَ ونوفلَ بنِ خُويلدٍ ومَن ضامّهم ورُوي عن الكَلْبيِّ ومُقاتلٍ أنَّ القائلَ هُو مضر بن الحرث والجمعُ لمشايعةِ الباقين له في ذلك وإمَّا عن كلِّهم ووضعُ الموصولِ موضعَ ضميرِهم لذمِّهم بما في حيِّز الصِّلةِ والإيذانِ بأنَّ ما تفوَّهوا به كفرٌ عظيم في كلمةِ هذا حطٌّ لرتبة المشارِ إليه أي ما هذا إِلَاّ كذبٌ مصروفٌ عن وجهِه {افتراه} يريدون أنَّه اختلقَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم {وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ} أي على اختلاقه {قوم آخرون} يعنُون اليَّهودَ بأنْ يُلقوا إليه أخبار الأممِ الدَّارجةِ وهو يعبِّر عنها بعبارتِه وقيل هما جبرٌ ويسارٌ كانا يصنعانِ السيفَ بمكَّةَ ويقرآنِ التَّوراةَ والإنجيلَ وقيل هو عابسٌ وقد مرَّ تفصيلُه في سورة النَّحلِ {فقد جاؤوا ظُلْماً} منصوبٌ بجاءوا فإنَّ جاءوا أتى يستعملان في معنى فعل فيُعدَّيانِ تعديتَه أو بنزعِ الخافضِ أي بظلمٍ قاله الزَّجَّاجُ والتَّنوينُ للتَّفخيمِ أي جَاءوا بما قالُوا ظلماً هائلاً عظيما لا يُقادر قَدرُه حيث جعلُوا الحقَّ البحتَ الذي لا يأتيه الباطلُ من بينِ يديهِ ولا منْ خلفِه إفكاً مُفترى من قبل البشرِ وهو من جهة نظمِه الرَّائقِ وطرزه الفائقِ بحيث لو اجتمعتِ الإنسُ والجنُّ على مباراتِه لعجزُوا عن الإتيان بمثل آيةٍ من آياتِه ومن جهة اشتمالِه على الحِكَمِ الخفيَّةِ والأحكامِ المستتبعةِ للسَّعاداتِ الدِّينيةِ والدُّنيويَّةِ والأمور الغيبيَّةِ بحيثُ لا يناله عقولُ البشرِ ولا يفي بفهمه القُوى والقُدر