{لَكِنِ الذين اتقوا رَبَّهُمْ لَهُمْ جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانهار خالدين فِيهَا} بيانٌ لكمال حسنِ حالِ المؤمنين غِبَّ بيانٍ وتكريرٌ له إثر قرير مع زيادة خلودِهم في الجنَّاتِ ليتم بذلك سرورُهم ويزدادَ تبجُّحُهم ويتكاملَ به سوءُ حالِ الكفرةِ وإيرادُ التقوى في حيز الصلةِ للإشعار بكون الخصالِ المذكورةِ من باب التقوى والمرادُ به الاتقاءُ من الشرك والمعاصي فالموصولُ مبتدأ والظرفُ خبرُه وجناتٌ مرتفعٌ به على الفاعليةِ لاعتماده على المبتدإ أو الظرفُ خبرٌ لجناتٌ والجملةُ خبرٌ للموصول وخالدين فِيهَا أي في الجنات حالٌ مقدرةٌ من الضمير أو من جناتٌ لتخصّصها بالوصف والعاملُ ما في الظرف من معنى الاستقرارِ
{نُزُلاٍ مّنْ عِندِ الله} وقرئ بسكون الزاي وهو ما يُعدّ للنازلِ من طعام وشرابٍ وغيرِهما قال أبو الشعر الضبي ... وكنا إذا الجبارُ بالجيش ضافنا ... جعلنا القَنا والمرهفاتِ له نُزْلا ...
وانتصابُه عَلى الحاليةِ من جنات لتخصصها بالوصف والعامل فيه ما في الظرف من معنى الاستقرارِ وقيل هو مصدرٌ مؤكدٌ كأنه قيل رِزقاً أو عطاءً من عند الله
{وَمَا عِندَ الله خَيْرٌ} مبتدأٌ وخبرٌ وقولُه تعالَى
{لّلابْرَارِ} متعلقٌ بمحذوفٍ هو صفةٌ لخيرٌ أي ما عنده تعالى من الأمور المذكورةِ الدائمةِ خيرٌ كائنٌ للأبرار أي مما يتقلب فيه الفجارُ من المتاع القليلِ الزائلِ والتعبيرُ عنهم بالأبرار للإشعار بأن الصفاتِ المعدودَة من أعمال البرِّ كما أنها من قبيل التقوى والجملةُ تذييلٌ لما قبلَها