{وَلَا تُطِعِ الكافرين والمنافقين} نهيٌ عن مداراتِهم في أمرِ الدَّعوةِ واستعمالِ لينِ الجانبِ في التبليغِ والمسامحةِ في الإنذارِ كُني عن ذلكَ بالنَّهيِ عن طاعتِهم مبالغة في الزجر والتنفيرِ عن المنهيِّ عنه بنظمه في سلكِها وتصويرِه بصورتِها ومن حمل النهي على التَّهييجِ والإلهابِ فقَدْ أبعدَ عنِ التَّحقيقِ بمراحلَ {وَدَعْ أذاهم} أي لاتبال بأذيَّتِهم لك بسببِ تصلبكَ في الدَّعوةِ والإنذارِ {وَتَوَكَّلْ عَلَى الله} في كلِّ ما تأتِي وما تذرُ من الشئون التي من جملتها هذا الشَّأنُ فإنَّه تعالى يكفيكهُم {وكفى بالله وَكِيلاً} موكُولاً إليهِ الأمورُ في كلِّ الأحوالِ وإظهارُ الاسمِ الجليلِ في موضعِ الإضمارِ لتعليلِ الحكمِ وتأكيدِ استقلالِ الاعتراضِ التذييل ولما وصف صلى الله عليه وسلم بنعوتٍ خمسةٍ قُوبل كلٌّ منها بخطابٍ يُناسبه خلَا أنَّه لم يُذكر مقابلَ الشَّاهدِ صَريحاً وهُو الأمرُ بالمراقبةِ ثقةً بظهورِ دلالةِ مقابلِ المبشَّر عليهِ وهو الأمرُ بالتَّبشيرِ حسبما ذُكر آنِفاً وقُوبلَ النَّذيرُ بالنَّهيِ عن مُداراةِ الكُفَّارِ والمُنافقين والمُسامحةِ في إنذارِهم كما تحققَتُه وقُوبل الدَّاعِي إلى الله بإذنه بالامر بالتوكل عليهِ منْ حيثُ إنَّه عبارةٌ عن الاستمدادِ منه تعالى والاستعانةِ به وقُوبل السِّراجُ المنيرُ بالاكتفاءِ به تعالى فإنَّ من أيَّده الله تعالىَ بالقُوَّة القُدسيةِ ورشَّحه للنُّبوةِ وجعلَه بُرهاناً نيِّراً يهدي الخلقَ من ظلماتِ الغَيِّ إلى نورِ الرِّشادِ حقيقٌ بأنْ يَكتفي بهِ عن كلِّ ما سواهُ