{وَلَا تَكُونُواْ كالذين تَفَرَّقُواْ} هم أهلُ الكتابين حيث تفرقت اليهودُ فِرَقاً والنصارى فِرَقاً
{واختلفوا} باستخراج التأويلاتِ الزائغةِ وكتمِ الآياتِ الناطقةِ وتحريفِها بما أخلدوا إليه من حُطام الدُّنيا الدنيئةِ
{مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ البينات} أي الآياتُ الواضحةُ المبينة للحق الموجبة للاتفاق عليه واتحادِ الكلمة فالنهيُ متوجهٌ إلى المتصدِّين للدعوة أصالةً وإلى أعقابهم تَبَعاً ويجوز تعميمُ الموصولِ للمختلِفين من الأمم السالفةِ المشار إليهم بقوله عز وجل {وَمَا اختلف فِيهِ إِلَاّ الذين أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ البينات} وقيل هم المبتدِعة من هذه الأمة وقيل هم الحرَورية وعلى كل تقدير فالمنهيُّ عنه إنما هو الاختلافُ في الأصول دون الفروعِ إلا أن يكون مخالفاً للنصوص البيِّنة أو الإجماعِ لقوله عليه الصلاة والسلام اختلافُ أمتي رحمةٌ وقولِه عليه السلام من اجتهد فأصاب فله أجرانِ ومن أخطأ فله أجرٌ واحدٌ وَأُوْلئِكَ إشارةٌ إلى المذكورين باعتبار اتصافِهم بما في حِّيزِ الصلة وهو مبتدأٌ وقولُه تعالى
{لَهُمْ} خبرُه وقوله تعالى
{عَذَابٌ عظِيمٌ} مرتفع بالظرف على الفاعليةِ لاعتمادِه على المبتدأ أو مبتدأٌ والظرفُ خبرُه والجملةُ خبرٌ للمبتدأ الأول وفيه من التأكيد والمبالغةِ في وعيد المتفرِّقين والتشديدِ في تهديد المشبهين بهم مالا يخفى