{والذين يَنقُضُونَ عَهْدَ الله} أريد بهم مَنْ يقابل الأولين ويعاندهم في الاتصاف بنقائض صفاتِهم {مِن بَعْدِ ميثاقه} من بعد ما أوثقوه من الاعتراف والقَبول {وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ الله بِهِ أَن يُوصَلَ} من الأيمان بجميع الأنبياءِ المجمعين على الحق حيث يؤمنون ببعضهم ويكفرون ببعضهم ومن حقوق الأرحام وموالاةِ المؤمنين وغير ذلك مما لا يراعون حقوقَه من الأمور المعدودةِ فيما سلف وإنما لم يتعرّض لنفي الخشيةِ والخوفِ عنهم صريحاً لِدلالة النقضِ والقطع على ذلك وأما عدمُ التعرض لنفي الصبرِ المذكور فلأنه إنما اعتبر تحققُه في ضمن الحسناتِ المعدودةِ ليقَعْنَ معتدًّا بهن فلا وجه لنفيه عمّن بينه وبين الحسناتِ بعدُ المشرِقين كما لا وجه لنفي الصلاةِ والزكاة ممن لا يحوم حول أصلِ الإيمان بالله تعالى فضلاً عن فروع الشرائعِ وإن أريد بالإنفاق التطوعُ فنفيُه مندرجٌ تحت قطعِ ما أمر الله تعالى بوصله وأما درءُ السيئة بالحسنة فانتفاؤه عنهم ظاهرٌ مما سبق ولحِق فإن من يجازى إحسانه عز وجل بنقض العهد ومخالفةِ الأمر ويباشر الفساد بدأ حسبما يَحكيه قوله تعالى عز وعلا {وَيُفْسِدُونَ فِى الأرض} أي بالظلم وتهيج الفتنِ كيف يتصور منه مجازاةُ الإساءة بالإحسان على أن يُشعر بأن له دخلاً في الإفضاء إلى