{واللذان يأتيانها مِنكُمْ} هما الزاني والزانية بطرق التغليب قال السندي أُريد بهما البِكْران منهما كما ينبىء عنه كونُ عقوبتها أخفَّ من الحبس المخلّد وبذلك يندفع التكرار خلا أنه يبقى حكمُ الزاني المحصَنِ مبهماً لاختصاص العقوبةِ الأولى بالمحصنات وعدمِ ظُهورِ إلحاقهِ بأحد الحكمين دلالةٌ لخفاء الشِرْكة في المناط
{فآذوهما} أي بالتوبيخ والتقريعِ وقيل بالضرب بالنعال أيضا وظاهر أن إجراءَ هذا الحكمِ أيضاً إنما يكون بعد الثبوتِ لكنْ ترك ذكره تعويلاً على ما ذُكر آنفاً
{فَإِن تَابَا} عما فعلا من الفاحشة بسبب ما لقيا من زواجرِ الأذيةِ وقوارعِ التوبيخِ كما ينبئ عنه الفاء
{وَأَصْلَحَا} أي أعمالهما
{فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا} بقطع الأذيةِ والتوبيخِ فإن التوبةَ والصلاحَ مما يمنع استحقاقَ الذمِّ والعقابِ وقد جُوِّز أن يكون الخطابُ للشهود الواقفين على هَناتهما ويراد بالإيذاء ذمُّهما وتعنيفُهما وتهديدُهما بالرفع إلى الولاة وبالإعراض عنهما تُرك التعرُّضُ لهما بالرفع إليهما قيل كانت عقوبةُ الفريقين المذكورين في أوائل الإسلامِ على مامر من التفصيل ثم نُسخ بالحدّ لما رُوي أن النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم قال خُذوا عني خُذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً الثيبُ تُرجم والبِكرُ تُجلد وقيل هذه الآية سابقة على الأولى نزولاً وكانت عقوبةُ الزناةِ مطلقا الأذى ثم الحبسُ ثم الجلدُ ثم الرجمُ وقد جُوِّز أن يكون الأمرُ بالحبس غيرَ منسوخٍ بأن يُتركَ ذكرُ الحدِّ لكونه معلوماً بالكتاب والسنة ويوصى بإمساكهن في البيوت بعد إقامةِ الحدِّ صيانةً لهن عن مثل ما جرى عليهن بسبب الخروجِ من البيوت والتعرُّضِ للرجال ولا يخفى أنه ممَّا لا يساعدُهُ النظمُ الكريمُ وقال أبو مسلم وقد عزاه إلى مجاهد إن الأولى في السّحّاقات وهذه في اللوّاطين وما في سورة النورِ في الزناة والزواني متمسكاً بأن المذكورَ في الولى صيغةُ الإناثِ خاصةً وفي الثانية صيغةُ الذكورِ ولا ضرورة إلى المصير إلى التغليب على أنه لا إمكانَ له في الأولى ويأباه الأمرُ باستشهاد الأربعةِ فإنه غيرُ معهودٍ في الشرع فيما عدا الزنا
{إِنَّ الله كَانَ تَوَّاباً} مبالغاً في قبول التوبةِ
{رَّحِيماً} واسعَ الرَّحمةِ وهو تعليلٌ للأمر بالإعراض