{والله خَلَقَكُمْ مّن تُرَابٍ} دليلٌ آخرُ على صحَّةِ البعثِ والنُّشورِ أي خلقكم ابتداءً منه في ضمنِ خلق آدمَ عليه السلام خلقاً إجماليَّاً كما مرَّ في تحقيقُه مراراً {ثُمَّ مِن نطفة} أي ثم خلقكم منها خلقاً تفصيلياً {ثُمَّ جَعَلَكُمْ أزواجا} أي أصنافاً أو ذُكراناً وإناثاً وعن قَتادةَ جعل بعضَكم زَوْجاً لبعضٍ {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أنثى وَلَا تَضَعُ إِلَاّ بِعِلْمِهِ} إلا ملتبسةً بعلمِه تابعةً لمشيئتِه {وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ} أي من أحدٍ وإنما سُمِّي معمَّراً باعتبارِ مصيرِه أي وما يُمدُّ في عمرِ أحدٍ {وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ} أي من عمرِ أحدٍ على طريقةِ قولِهم لا يُثيب الله عبداً ولا يُعاقبه إلا بحقَ لكنْ لاعلى معنى لا يُنقص عمره بعد كونه زائدا بل على معنى لا يُجعل من الابتداءِ ناقصاً وقيل الزِّيادةُ والنَّقصُ في عمرٍ واحدٍ باعتبارِ أسبابِ مختلفةٍ أُثبتتْ في اللَّوحِ مثلِ أنْ يكتبَ فيه إنْ حجَّ فلانٌ فعمرُه ستُّونَ وإلا فأربعونَ وإليه أشارَ صلى الله عليه وسلم بقولِه الصَّدقة والصِّلةُ تُعمِّرانِ الدِّيارَ وتزيدانِ في الأعمارِ وقيلَ المرادُ بالنَّقصِ ما يمرُّ من عمرِه وينقصُ فإنَّه يكتب في الصَّحيفةِ عمرُه كذا وكذا سنة ثم يُكتب تحتَ ذلك ذهبَ يومٌ ذهبَ يومانِ وهكذا حتَّى يأتي على آخره وقرئ ولا ينقص عل البناءِ للفاعلِ ومن عُمْره