(أَقِمِ الصلاة لِدُلُوكِ الشمس) لزوالها كما ينبئ عنه قوله صلى الله عليه وسلم أتاني جبريلُ عليه السلام والدلوك الشمس حين زالت فصلّى بي الظهرَ واشتقاقُه من الدّلْك لأن من نظر إليها حينئذ يدُلك عينه وقيل لغروبها من دلَكَت الشمس أي غربت وقيل أصلُ الدلوك الميلُ فينتظم كِلا المعنيين واللامُ للتأقيت مِثلُها في قولك لثلاثٍ خلون (إلى غسق الليل) إلى اجتماع ظلمتِه وهو وقتُ صلاةِ العِشاء وليس المرادُ إقامتَها فيما بين الوقتين على وجه الاستمرارِ بل إقامةَ كل صلاةٍ في وقتها الذي عُيِّن لها ببيان جبريلَ عليهِ السَّلامُ كَما أن أعدادَ ركعاتِ كل صلاةٍ موكولةٍ إلى بيانه صلى الله عليه وسلم ولعل الاكتفاء بيان المبدأ والمنتهى في أوقات الصلواتِ من غير فصل بينها لما أن الإنسانَ فيما بين هذه الأوقاتِ على اليقظة فبعضُها متصلٌ ببعض بخلاف أولِ وقتِ العشاءِ والفجرِ فإنه باشتغاله فيما بينهما بالنوم ينقطع أحدُهما عن الآخر ولذلك فُصل وقتُ الفجر عن سائر الأوقات وقيل المرادُ بالصلاة صلاةُ المغرب والتحديدُ المذكور بيانٌ لمبدئه ومنتهاه واستُدِل به على امتداد وقتِه إلى غروب الشفق وقوله تعالى (وقرآن الفجر) أي صلاةَ الفجر نُصب عطفاً على مفعول أقم أو على الإغراء قاله الزجّاج وإنما سُمِّيت قرآنا لأنه رُكنُها كما تُسمّى ركوعاً وسجوداً واستُدل به على الركنية ولكن لا دِلالةَ له على ذلك لجواز كون مدار الجوز كونَ القراءة مندوبةً فيها نعم لو فُسّر بالقراءة في صلاة الفجر لدل الأمر بإقامتها عن الوجوب فيها نصاً وفيما عداها دِلالةً ويجوز أن يكون وقرآنَ الفجر حثًّا على تطويل القراءةِ في صلاة الفجر (إن قرآن الفجر) أظهر في مقام الإضمارِ إبانةً لمزيد الاهتمامِ به (كَانَ مَشْهُودًا) يشهده ملائكةُ الليل وملائكةُ النهار أو شواهدُ القدرة من تبدُّل الضياء بالظلمة والانتباهِ بالنوم الذي هُو أخوُ الموتِ أو يشهده كثيرٌ من المصلين أو من حقه أن يشهَده الجمُّ الغفيرُ فالآيةُ على تفسير الدُّلوك بالزوال جامعةٌ للصلوات الخمس وعلى تفسيره بالغروب لِما عدا الظهرَ والعصر