للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

{لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ} أي لا يجب عليك أن تجعلهم مهدبين إلى الإتيان بما أُمروا به من المحاسن والانتهاءِ عمَّا نُهوا عنهُ من القبائح المعدودة وإنما الواجبُ عليك الإرشادُ إلى الخير والحثُ عليه والنهيُ عن الشر والردعُ عنه بما أُوحِىَ إِلَيْكَ من الآياتِ والذكرِ الحكيم

{ولكن الله يَهْدِى} هدايةً خاصَّةً موصِلةً إلى المطلوب حتماً

{مَن يَشَآء} هدايتَه إلى ذلك ممن يتذكر بما ذُكّر ويتبعُ الحق ويختار الخيرَ والجملةُ معترضة جيء بها على تلوينِ الخطابِ وتوجيهِه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الالتفات إلى الغَيبة فيما بين الخطابات المتعلقة بالمكلفين مبالغةً في حملهم على الامتثال فإن الإخبارَ بعدم وجوب تدارُك أمرِهم على النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم مُؤْذنٌ بوجوبه عليهم حسبما ينطِق به ما بعده من الشرطية وقيل لما كثُر فقراءُ المسلمين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم السلمين عن التصدق على المشركين كي تحمِلَهم الحاجة على الدخول في الإسلام فنزلت أي ليس عليك هُدى مَنْ خالفك حتى تمنعَهم الصدقةَ لأجل دخولهم في الإسلام فلا التفاتَ حينئذٍ في الكلام وضميرُ الغيبة للمعهودين من فقراءِ المشركين بل فيه تلوينٌ فقط وقوله تعالى

{وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ} على الأول التفات من الغيبة إلى خطاب الملكفين لزيادة هزّهم نحو الامتثال وعلى الثاني تلوينٌ للخطاب بتوجيهه إليهم وصرفهِ عنِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم وما شرطيةٌ جازمةٌ لتنفقوا منتصبةٌ به على المفعولية ومن تبعيضيةٌ متعلقةٌ بمحذوفٍ وقعَ صفة لاسم الشرط مبيّنةٌ ومخصصةٌ له أي أيِّ شئ تنفقوا كائنٌ من مال

{فَلاِنفُسِكُمْ} أي فهو لأنفسكم لا ينتفع به غيرُكم فلا تمنوا على من أعطيتموه ولا تؤذوه ولا تنفقوا من الخبيث أو فنفعُه الدينيَّ لكم لا لغيركم من الفقراء حتى تمنعوه ممن لا ينتفع به من حيث الدينُ من فقراء المشركين

{وَمَا تُنفِقُونَ إِلَاّ ابتغاء وَجْهِ الله} استثناءٌ من أعم العللِ أو أعم الأحوال أي ليست نفقتكم لشئ من الأشياء إلالابتغاء وجه الله أو ليست في حالٍ من الأحوالِ إلا حال ابتغاء وجه الله فما بالُكم تمنون بها وتنفقون الخبيثَ الذي لا يوجد مثلُه إلى الله تعالى وقيل هو في معنى النهي

{وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} أي أجرُه وثوابُه أضعافاً مضاعفة حسبما فُصّل فيما قبلُ فلا عذرَ لكم في أن ترغبوا عن أنفاقه

<<  <  ج: ص:  >  >>