{مَا كَانَ لِبَشَرٍ} بيانٌ لافترائهم على الأنبياءِ عليهم السلامُ حيث قال نصارى نجرانَ إنَّ عيسَى عليهِ السَّلامُ أمرنا أن نتخِذَه رباً حاشاه عليه السلام وإبطالٌ له إثرَ بيانِ افترائِهم على الله سبحانه وإبطالِه أي ما صح وما استقام لأحد وإنما قيل لِبَشَرٍ إشعاراً بعلة الحُكم فإن البشريةَ منافية للأمر الذي أسنده الكفرَةُ إليهم
{أَن يُؤْتِيهُ الله الكتاب} الناطقَ بالحق الآمرَ بالتوحيد الناهيَ عن الإشراك
{والحكم} الفهمُ والعلم أو الحكمةُ وهي السنة والنبوة
{ثُمَّ يَقُولَ} ذلك البشرُ بعدما شرفه الله عز وجل بما ذُكر من التشريفات وعرّفه الحقَّ وأطلعه على شئونه العالية
{لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لّى} الجارُّ متعلقٌ بمحذوفٍ هو صفةٌ عبادا أي عباداً كائنين
{مِن دُونِ الله} متعلقٌ بلفظ عباداً لما فيه من معنى الفعل أو صفةٌ ثانيةٌ له ويحتمِلُ الحاليةَ لتخصيص النكرةِ بالوصف أي متجاوزينَ الله تعالى سواءٌ كان ذلك استقلالاً أو اشتراكاً فإن التجاوزَ متحققٌ فيهما حتماً قيل إن أبا رافعٍ القُرَظيّ والسيدَ النجرانيَّ قالا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أتريد أن نعبُدَك ونتخِذَك رباً فقال عليه السلام معاذَ الله أن يُعبَدَ غيرُ الله تعالى وأن نأمرَ بعبادة غيرِه تعالى فما بذلك بعثني ولا بذلك أمرَني فنزلت وقيل قال رجلٌ من المسلمين يا رسول الله نسلِّم عليك كما يُسلّم بعضُنا على بعض أفلا نسجُد لك قال عليه السلام لا ينبغي أن يُسجَدَ لأحد من دونِ الله تعالَى ولكن أكرِموا نبيَّكم واعرِفوا الحقَّ لأهله
{ولكن كُونُواْ} أي ولكن يقولُ كونوا
{ربانيين} الربانيُّ منسوبٌ إلى الرب بزيادة الألف والنون كاللحياني والرقباني وهو الكاملُ في العلم والعمل الشديدُ التمسكِ بطاعة الله عز وجل ودينِه
{بِمَا كُنتُمْ تُعَلّمُونَ الكتاب وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ} أي بسبب مُثابرتِكم على تعليم الكتابِ ودراستِه أي قراءتِه فإن جعْلَ خبرِ كان مضارعاً لإفادة الاستمرارِ التجددي وتكريرُ بما كنتم للإيذان باستقلال كلَ من استمرار التعليم واستمرار