للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والجبال

منصوبٌ بمضمرٍ يفسرُهُ

أرساها

أي أثبتَها وأثبتَ بها الأرضَ أن تميدَ بأهلِها وهذا تحقيقٌ للحقِّ وتنبيهٌ على أنَّ الرسوَّ المنسوبَ إليهَا في مواضعَ كثيرةٍ من التنزيلِ بالتعبيرِ عنها بالرَّوَاسِي ليسَ من مقتضياتِ ذواتِها بلْ هو بإرسائِه عزَّ وجلَّ ولولاهُ لما ثبتتْ في أنفسِها فضلاً عنْ إثباتِها للأرضِ وقُرِىءَ والأرضُ والجبالُ بالرفعِ على الابتداءِ ولعلَّ تقديمَ إخراجِ الماءِ والمَرْعى ذكراً مع تقدمِ الإرساءِ عليهِ وجُوداً وشدةِ تعلقِه بالدَّحْوِ لإبرازِ كمالِ الاعتناءِ بأمرِ المأكلِ والمشربِ معَ ما فيهِ من دفعِ توهمِ رجوعِ ضميرَيْ الماءِ والمَرْعَى إلى الجبالِ وهذا كما ترى يدل يظاهره على تأخرِ دحوِ الأرضِ عن خلقِ السماءِ وما فيهَا كمَا يُروى عن الحسنِ مِنْ أنَّه تعالَى خَلَقَ الأرضَ فِى موضعِ بيتِ المقدسِ كهيئةِ الفِهْرِ عليه دخانٌ ملتزقٌ بها ثمَّ أصعدَ الدخانَ وخلقَ منهُ السمواتِ وأمسكَ الفِهْرَ في موضعِها وبسَط منها الأرضَ وذلكَ قولُه تعالى كَانَتَا رَتْقاً ففتقناهما الآيةَ وقد مرَّ في سورةِ حم السجدةِ أنَّ قولَه تعالَى قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بالذى خَلَقَ الأرض فِى يَوْمَيْنِ إلى قولِه تعالى ثُمَّ استوى إِلَى السماء وَهِىَ دُخَانٌ الآيةَ إنْ حُملَ ما فيهِ من الخلقِ وما عُطف عليهِ من الأفعالِ الثلاثةِ على معانيها الظاهرةِ لا على تقديرِها فهُو وما في سورةِ البقرةِ من قولِه تعالى هُوَ الذى خَلَقَ لَكُم مَّا فِى الارض جَمِيعاً ثُمَّ استوى إِلَى السماء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سموات يدلانِ على تقدم خلقِ الأرضِ وما فيها على خلق السماءِ وما فيها وعليه إطباقُ أكثرِ أهلِ التفسيرِ وقد رُويَ أنَّ العرشَ كانَ قبلَ خلقِ السمواتِ والأرضِ على الماء ثم إنه تعالَى أحدثَ في الماء اضطراباً فأزبدَ فارتفعَ منه دخانٌ فأما الزبدُ فبقيَ على وجه الماءِ فخلق منه اليُبوسةَ فجعلَه أرضاً واحدةً ثم فتقَها فجعلَها أرَضينَ وأما الدخانُ فارتفعَ وعلَا فخلقَ منه السمواتِ ورُويَ أنَّه تعالَى خلقَ جِرْمَ الأرضِ يومَ الأحدِ ويومَ

<<  <  ج: ص:  >  >>