{وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ} بيانٌ لتبعية إيمانِ النفوس المؤمنةِ لمشيئته تعالى وجوداً بعد بيانِ الدوران الكليِّ عليها وجوداً وعدماً أي ما صح وما استقام لنفس من النفوس التي علم الله تعالى أنها تؤمنُ
{أَن تُؤْمِنَ إِلَاّ بِإِذْنِ الله} أي بتسهيله ومنحِه للألطاف وإنما خُصت النفسُ بمن ذُكر ولم يُجعل من قبيل قولِه تعالَى وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَاّ بِإِذْنِ الله لأن الاستئشاء مفرغٌ من أعمِّ الأحوالِ أي ما كان لنفس أن تؤمن في حالٍ من أحوالِها إلا حالَ كونِها ملابسةً بإذنه تعالى فلا بد من كون الإيمان مما يئول إليه حالُها كما أن الموتَ مآلٌ لكل نفس بحيث لا محيصَ لها عنه فلا بد من تخصيص النفسِ بمن ذكر فإن النفوسَ التي علم الله أنها لا تؤمنُ ليس لها حالٌ تؤمن فيها حتى يستثنى تلك الحال من غيرها
{وَيَجْعَلُ الرجس} أي الكفر بقرينة ما قبله عبر عنه بالرجس الذي هو عبارةٌ عن القبيح المستقدر المستكرَه لكونه علماً في القبح والاستكراه وقيل هو العذاب أو الخِذلان المؤدي إليه وقرى بنون العظمة وقرئ بالزاي أي يجعل الكفرَ ويبقيه
{عَلَى الذين لَا يَعْقِلُونَ} لا يستعملون عقولهم بالنظر في الحجج والآيات أولا يعقلون دلائله وأحكامه لما على قلوبهم من الطبع