{وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِى} النُصحُ كلمةٌ جامعةٌ لكل ما يدور عليه الخيرُ من قولٍ أو فعلٍ وحقيقتُه إمحاضُ إرادةِ الخيرِ والدِلالةِ عليه ونقيضُه الغشُّ وقيل هو إعلامُ موقع الغَيِّ ليُتّقى وموضعِ الرشد ليقتفى
{إن أردت أن أنصح لَكُمْ} شرطٌ حذف جوابُه لدلالةِ ما سبق عليه والتقديرُ إن أردتُ أن أنصح لكم لا ينفعكم نُصحي وهذه الجملةُ دليلٌ على ما حذف من جواب قولِه تعالى
{إِن كَانَ الله يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ} والتقديرُ إن كان الله يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ فإن أردتُ أن أنصحَ لكم لا ينفعكم نصحي هذا على ما ذهب إليه البصريون من عدم تقديم الجزاءِ على الشرطِ وأما على ما ذهب إليه الكوفيون من جوازه فقوله عز وعلا وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِى جزاءٌ للشرط الأولِ والجملةُ جزاءٌ للشرط الثاني وعلى التقديرين فالجزاءُ متعلّقٌ بالشرط الأولِ وتعلّقه به معلّقٌ بالشرط الثاني وهذا الكلامُ متعلِّقٌ بقولهم قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا صدر عنه صلى الله عليه وسلم إظهار للعجز عن إلزامهم بالحجج والبيناتِ لتماديهم في العناد وإيذاناً بأن ما سبق منه ليس بطريق الجدالِ والخصام بل