{تكاد السماوات} وقُرِىَء بالياءِ {يَتَفَطَّرْنَ} يتشقّقنَ من عظمةِ الله تعالىَ وقيلَ من دعاءِ الولدِ له كما في سُورةِ مريمَ وقُرِىءَ يَنْفَطرنَ والأولُ أبلغُ لأنَّه مطاوعُ فطَّر وهذا مطاوع فطر وفرىء تتفطرن بالتاءِ لتأكيدِ التأنيثِ وهو نَادرٌ {مِن فَوْقِهِنَّ} أي يبتدأُ التفطرُ من جهتهنَّ الفوقانيةِ وتخصيصُها على الأولِ لما أنَّ أعظمَ الآياتِ وأدلَّها على العظمةِ والجلالِ من تلكَ الجهةِ وعلى الثان للدلالةِ على التفطرِ من تحتهنَّ بالطريقِ الأَولى لأنَّ تلكَ الكلمةَ الشنعاءَ الواقعةَ في الأرضِ حيثُ أثرتْ من جهة الفرق فلأنْ تؤثرَ في جهةِ التحتِ أَوْلى وقيلَ الضميرُ للأرضِ فإنَّها في مَعنْى الأرضينَ {والملائكة يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ} ينزهونَهُ تعالى عمَّا يليقُ به ملتبسينَ بحمدِه {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِى الأرض} بالسَّعي فيما يستدعِي مغفرتَهُم من الشفاعةِ والإلهامِ وترتيبِ الأسبابِ المقربةِ إلى الطاعةِ واستدعاءِ تأخيرِ العقوبةِ طمعاً في إيمانِ الكافرِ وتوبةِ الفاسقِ وهذا يعمُّ المؤمنَ والكافرَ بلْ لو فُسِّر الاستغفارُ بالسَّعي فيما يدفعُ الخللَ المتوقعَ عمَّ الحيوانَ بل الجماد وحيث خص بالمؤمنينَ كَما في قولِه تعالى ويستغفرون للذين آمنوا فالمرادُ به الشفاعةُ {أَلَا إِنَّ الله هُوَ الغفور الرحيم} إذْ ما منْ مخلوق ولَهُ حظٌ عظيمٌ من رحمتِه تعالَى والآيةُ عَلى الأولِ زيادةُ تقرير لعظمتِه تعالَى وعلى الثَّاني بيانٌ لكمالِ تقدُّسهِ عمَّا نُسبَ إليه وأن ترك معالجتهم بالعقابِ على تلك الكلمةِ الشنعاءِ بسببِ استغفارِ الملائكةِ وفرطِ غفرانِه ورحمتِه ففيها رمزٌ إلى أنَّه تعالَى يقبلُ استغفارَهُم ويزيدُهُم على ما طلبُوه من المغفرةِ رحمةً