{فَإِن كُنتَ فِي شَكّ} أي في شك ما يسير على الفرْض والتقدير فإن مضمونَ الشرطيةِ إنما هو تعليقُ شيءٍ بشيء من غير تعرُّضٍ لإمكان شيءٍ منهما كيف لا وقد يكون كلاهما ممتنعاً كقوله عز وجل قُلْ إِن كَانَ للرحمن وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ العابدين وقوله تعالى لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ونظائرِهما
{مّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ} من القصص التي من جملتها قصةُ فرعون وقومِه وأخبارُ بني إسرائيل
{فاسأل الذين يقرؤون الكتاب مِن قَبْلِكَ} فإن ذلك محققٌ عندهم ثابتٌ في كتبهم حسبما ألقَينا إليك والمراد إظهار نبوته صلى الله عليه وسلم بشهادة الأحبارِ حسبما هو المسطورُ في كتبهم وإن لم يكن إليه حاجة أصلاً أو وصفُ أهلِ الكتاب بالرسوخ في العلم بصحة نبوته صلى الله عليه وسلم أو تهييجه صلى الله عليه وسلم وزيادةِ تثبيتهُ على ما هو عليه من اليقين لا تجويزِ صدورِ الشك منه صلى الله عليه وسلم ولذلك قال صلى الله عليه وسلم لا أشُكُّ ولا أسأَلُ وقيل المراد بالموصول مؤمنوا أهلِ الكتابِ كعبدِ اللَّه بن سلام وتميمٍ الداري وكعبٍ وأضرابِهم وقيل الخطابُ للنبى صلى الله عليه وسلم والمرادُ أمتُه أو لكل من يسمع أي إن كنت أيها السامعُ في شك مما أنزلنا إليك على لسان نبيِّنا وفيه تنبيهٌ على أن من خالجتْه شبهةٌ في الدين ينبغي أن يسارِعَ إلى حلها بالرجوع إلى أهل العلم وقرئ فاسأل الذين يقرءون الكتب
{لَقَدْ جَاءكَ الحق} الذي لا محيدَ عنه ولا ريبَ في حقيته
{مِن رَبّكَ} وظهرَ ذلك بالآيات القاطعةِ التي لا يحوم حولَها شائبةُ الارتيابِ وفي التعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره صلى الله عليه وسلم من التشريف ما لا يخفى
{فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الممترين} بالتنزلزل عما أنت عليه من الجزم واليقينِ ودُمْ على ذلك كما كنت من قبل