{يا أيها الناس} التفاتٌ ورجوعٌ إلى استمالتهم نحوَ الحق واستنزالِهم إلى قَبوله واتباعه غِبَّ تحذيرِهم من غوائل الضلالِ بما تُليَ عليهم من القوارع الناعيةِ عليهم سوءَ عاقبتِهم وإيذانٌ بأن جميعَ ذلك مسوقٌ لمصالحهم ومنافعِهم
{قَدْ جَاءتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ} هي والوعظ والعظة التذكيرُ بالعواقب سواءٌ كان بالزجر والترهيبِ أو بالاستمالة والترغيبِ وكلمة مِن في قوله تعالى
{من رَّبّكُمْ} ابتدائيةٌ متعلقةٌ بجاءتكم أو تبعيضة متعلقةٌ بمحذوف وقع صفة لموعظة أي موعظةٌ كائنةٌ من مواعظ ربِّكم وفي التعرض لعنوان الربوببة من حُسنِ الموقِع ما لا يخفى
{وَشِفَاء لِمَا فِى الصدورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِينَ} أي كتاب جامعٌ لهذه الفوائد والمنافِع فإنه كاشفٌ عن أحوال الأعمالِ حسناتِها وسيئاتِها مرغب في الأولى ورادِعٌ عن الأخرى ومبينٌ للمعارف الحقةِ التي هي شفاءٌ لَما في الصدورِ منْ الأدواء القلبيةِ كالجهل والشكِّ والشِّرْكِ والنفاق وغيرِها من العقائد الزائغةِ وهادٍ إلى طريق الحقِّ واليقين بالإرشاد إلى الاستدلال بالدلائل المنصوبةِ في الآفاق والأنفسِ وفي مجيئه رحمةً للمؤمنين حيث نجَوا به من ظلمات الكفرِ والضلال إلى نور الإيمانِ وتخلصوا من دركاتِ النيرانِ وارتقَوا إلى درجات الجنانِ والتنكيرُ فى الكل للتفخيم